كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ {صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] وَالطِّيِّبُ هُوَ الطَّاهِرُ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ نَزْعَ الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ يُبْطِلُ الْوُضُوءَ فَيُبْطِلُ التَّيَمُّمَ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْخُفَّ تَتَعَدَّى إِلَيْهِ طَهَارَةُ التَّيَمُّمِ حُكْمًا كَمَا تَتَعَدَّى إِلَى سَائِرِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعُضْوَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ تَطْهِيرِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ خُفَّانِ فَكَأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا، وَلِأَنَّ الْحَدَثَ قَائِمٌ بِالرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا اسْتَبَاحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ سَتْرِهِمَا، إِذَا ظَهَرَتَا ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَيَمُّمٍ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اللُّبْسِ ثُمَّ خَلَعَ لَمْ يَنْتَقِضْ تَيَمُّمُهُ. وَيَزِيدُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْمَاءِ بِشَيْئَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ يُبْطِلُهَا فِي الْمَشْهُورِ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إِلَّا بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُخَاطَبُ بِتَجْدِيدِ التَّيَمُّمِ، فَعَلَى هَذَا يُصَلِّي الضُّحَى بِتَيَمُّمِ الْفَجْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الرِّوَايَتَانِ الْأُخْرَيَانِ.
الثَّانِي: الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إِمَّا أَنْ يَجِدَهُ إِنْ كَانَ عَادِمًا أَوْ يَقْدِرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إِنْ كَانَ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسُّهُ بَشَرَتَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» "، وَقَدْ تَقَدَّمَ، ثُمَّ إِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَطَلَ التَّيَمُّمُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ إِنْ رَأَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَاءِ أَوْ ظَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَطَلَ أَيْضًا فَلَا يُصَلِّي بِهِ صَلَاةً أُخْرَى، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.

الصفحة 450