كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يَقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ: هِيَ كَالْأُولَى، وَحَيْثُ جَازَ لَهُ الْمُضِيُّ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ إِبْطَالَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِوَاجِبٍ.
وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: الْقَطْعُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَكَالْمُكَفِّرِ إِذَا انْتَقَلَ مِنَ الصَّوْمِ إِلَى الْعِتْقِ، وَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا لِأَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ مُبْطِلٌ لِلتَّيَمُّمِ، كَالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ " الْمَاءِ "، وَالْآخَرُ: لَا تَبْطُلُ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ لَا لِوَقْتِهَا وَأَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا إِذَا شَرَعَ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ لُبْثٍ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ، قَطَعَهُ، قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ لَا يَرْتَبِطُ بِبَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ فَهُوَ كَالصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ نَقُولَ: الْمُوَالَاةُ فِيهِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا أَوْ وَجَدَهُمَا وَعَجَزَ عَنِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ إِمَّا لِقُرُوحٍ بِبَدَنِهِ، وَإِمَّا لِعَجْزِهِ عَنْ فِعْلِ الطَّهَارَتَيْنِ وَعَدِمَ مَنْ يُطَهِّرُهُ - فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ؛ لِمَا «رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي ظَنِّهَا فَوَجَدُوهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ.
فَصَلَّوْا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لِلضَّرُورَةِ، فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا عُدِمَ عَجَزَ عَنْهُ فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الشَّرَائِطِ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يُعِيدُ. اخْتَارَهَا

الصفحة 454