كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

الْفَصْلُ الثَّانِي:
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ. لِمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَمَّا حَاضَتْ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ: " اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ إِلَّا أَنَّكِ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " حَتَّى تَغْتَسِلِي ".
«وَلَمَّا قَالَتْ: إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ، قَالَ: " أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " قَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ: " فَلَا، إِذَنْ» فَلَوْ كَانَ طَوَافُهَا " جَائِزًا " لَمْ تَحْبِسْهُمْ وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْحَائِضُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ. وَلِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْحَائِضُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَلْبَثَ فِي الْمَسْجِدِ، تَوَضَّأَتْ أَوْ لَمْ تَتَوَضَّأْ، فَإِنْ خَالَفَتْ وَطَافَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا الطَّوَافُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى تَجْبُرُهُ بِدَمٍ وَيُجْزِؤُهَا مَعَ التَّحْرِيمِ، كَمَا يَجْبُرُ بِالدَّمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَحْظُورَاتِ مَعَ التَّحْرِيمِ وَالْإِثْمِ.

الصفحة 459