كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

وَبَقَاءِ الْعِدَّةِ وَجَوَازِ الرَّجْعَةِ، فَكَذَلِكَ فِي تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ وَابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ، وَطَرْدُ ذَلِكَ إِذَا قُلْنَا: إِنْ حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ ظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ صَوْمُهَا وَتَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَأَشْبَهَ مَا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ.

الْفَصْلُ السَّادِسُ:
أَنَّهُ يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ إِذَا حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ فِي الْحَيَاةِ وَيُوجِبُ الِاعْتِدَادَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَأَمَرَ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إِنَّمَا هُوَ لِذَوَاتِ الْقُرُوءِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: 4] {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَنَّ مَنْ لَيْسَتْ مِنَ الْآيِسَاتِ وَلَا مِنَ الصِّغَارِ تَعْتَدُّ بِسِوَى ذَلِكَ وَهُوَ الْحَيْضُ، فَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا سَوَاءٌ صَغِيرَةٌ أَوْ آيِسَةٌ أَوْ مِمَّنْ تَحِيضُ لِقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 240] الْآيَةَ، فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ.

الصفحة 472