كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

[بَابُ النِّفَاسِ] [تعريف النفاس]
" وَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ "
دَمُ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ الْمُحْتَقِنُ فِي الرَّحِمِ الْفَاضِلُ مِنْ رِزْقِ الْوَلَدِ، فَلَمَّا خَرَجَ الْوَلَدُ تَنَفَّسَتِ الرَّحِمُ فَخَرَجَ بِخُرُوجِهِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِيمَا يُوجِبُهُ مِنَ الْغُسْلِ وَيُحَرِّمُهُ مِنَ الْوَطْءِ وَالْعِبَادَاتِ وَيُسْقِطُهُ مِنَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ، فَأَمَّا الْوِلَادَةُ الْعَرِيَّةُ عَنِ الدَّمِ فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ فِيهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ خُرُوجِ الدَّمِ غَالِبًا فَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ كَالْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ، وَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ وَانْتِقَالِ الْمَنِيِّ مَعَ ظُهُورِهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ هُنَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ، وَالْحِكْمَةُ هُنَا ظَاهِرَةٌ مُنْضَبِطَةٌ فَيَجِبُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهَا دُونَ الْمَظِنَّةِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ مَنِيًّا فَانْعَقَدَ وَاسْتَحَالَ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ غُسْلٌ كَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ.

[مَسْأَلَةٌ أكثر النفاس]
مَسْأَلَةٌ
" وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا " يَعْنِي أَنَّهَا إِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَمْ تَكُنْ نُفَسَاءَ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ أَكْثَرَهُ سِتُّونَ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ لِمَا رَوَتْ مُسَّةُ الْأَزْدِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا

الصفحة 516