كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، الْغَفُورِ الرَّحِيمِ، الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ، الْجَوَادِ الْكَرِيمِ الَّذِي عَمَّ بَرِيَّتَهُ فَضْلُهُ الْعَمِيمُ، وَوَسِعَ خَلِيقَتَهُ إِحْسَانُهُ الْقَدِيمُ، وَهَدَى صَفْوَتَهُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَنَهَجَ شِرْعَتَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا عَلَى الْإِجْمَالِ وَالتَّقْسِيمِ، وَدَبَّرَ كُلَّ شَيْءٍ قُدْرَةً وَحُكْمًا بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّعْلِيمِ، وَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، أَحْمَدُهُ حَمْدًا يُكَافِئُ نِعَمَهُ وَيُوَافِي مَزِيدَ التَّكْرِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا، وَهَدَى بِهِ مِنَ الْجَهْلِ الصَّمِيمِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ أَفْضَلَ صَلَاةٍ وَتَسْلِيمٍ.
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ تَكَرَّرَتْ مَسْأَلَةُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَصَدَقَتْ رَغْبَتُهُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْعُمْدَةِ، تَأْلِيفُ الْإِمَامِ الْأَوْحَدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَجَعَلَ أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ مُتَبَوَّءَهُ وَمَثْوَاهُ، شَرْحًا يُفَسِّرُ مَسَائِلَهَا وَيُقَرِّبُ دَلَائِلَهَا وَيُفَرِّعُ قَوَاعِدَهَا وَيُتِمُّ مَقَاصِدَهَا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ وَالْإِخْلَالِ وَالْإِسْهَابِ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى وَأَجْمَعْتُ ذَلِكَ رَاجِيًا مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَحْقِيقَ مَحْمُودِ الْأَمَلِ، وَإِخْلَاصَ صَالِحِ الْعَمَلِ، وَالْإِعَانَةَ عَلَى الْإِبَانَةِ وَالْهِدَايَةَ إِلَى الدِّرَايَةِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
الصفحة 59
622