كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة
(بَابُ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ)
مَسْأَلَةٌ:
" خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا يُطَهِّرُ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَاتِ "
الطَّهُورُ هُوَ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ مِثْلُ الْفَطُورِ وَالسَّحُورِ وَالْوَجُورِ، فَأَمَّا الطَّهُورُ فَمَصْدَرُ طَهُرَ الشَّيْءُ، وَطَهُرَ طَهَارَةً وَطُهْرًا وَطَهُورًا لَيْسَ الطَّهُورُ هُوَ الطَّاهِرَ وَلَا مُبَالَغَةً فِيهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتُهُ» "، وَقَالَ: " «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» " أَيْ مُطَهِّرَةً، وَهَذِهِ صِفَةٌ لِلْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَائِعَاتِ، فَلِذَلِكَ طَهَّرَ غَيْرَهُ وَدَفَعَ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ.
وَالْحَدَثُ: هُوَ مَعْنًى يَقُومُ بِالْبَدَنِ تَمْتَنِعُ مَعَهُ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ.
وَالنَّجَاسَةُ: هِيَ أَعْيَانٌ مُسْتَخْبَثَةٌ فِي الشَّرْعِ يَمْتَنِعُ الْمُصَلِّي مِنِ اسْتِصْحَابِهَا، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ نَجُسَ الشَّيْءُ يَنْجُسُ نَجَاسَةً فَهُوَ نَجَسٌ، وَيُقَالُ نَجِسَ الشَّيْءُ يَنْجَسُ نَجَسًا ثُمَّ سُمِّيَ الشَّيْءُ النَّجِسُ نَجَاسَةً وَنَجِسًا فَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْأَنْوَاعَ، وَالْمَاءُ يُطَهِّرُ مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11]
الصفحة 60
622