كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَبِيٍّ بَالَ فِي بِئْرٍ " فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْزَحُوهَا "، وَأَمَّا الْمَاءُ الْجَارِي فَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ كَالدَّائِمِ إِذَا كَانَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِي جَرْيِهِ مِنْهُ تَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهَا فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ وَاقِعَةً بِكُلِّ جِرْيَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ إِنْ بَلَغَتْ قُلَّتَيْنِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَالْجِرْيَةُ مَا تُحَاذِي النَّجَاسَةَ مِنْ فَوْقِهَا وَتَحْتِهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا مَا بَيْنَ جَانِبَيِ النَّهْرِ فَأَمَّا (مَا) أَمَامَهَا فَهُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْحَقْهُ وَكَذَلِكَ مَا وَرَاءَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ وَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْجَرَيَاتُ كُلُّهَا وَفِيهَا جِرْيَةٌ طَاهِرَةٌ تَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ فَالْجَمِيعُ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ فِي الْمَشْهُورِ، وَعَلَى قَوْلِنَا إِنْ ضُمَّ الْقَلِيلُ إِلَى الْقَلِيلِ أَوِ الْكَثِيرِ النَّجِسِ يُوجِبُ طَهَارَةَ الْجَمِيعِ إِذَا زَالَ التَّغَيُّرُ فَهُنَا كَذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَتَى بَلَغَ الْمَجْمُوعُ هُنَا قُلَّتَيْنِ وَكَانَتِ النَّجَاسَةُ فِي جِرْيَةٍ مِنْهُ فَهُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ مَاءٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ السَّامِرِيُّ: " إِنْ كَانَتِ الْجِرْيَةُ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ قُلَّتَيْنِ أَوْ مَجْمُوعُ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ قُلَّتَيْنِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا ".
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لِعُمُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ وَقِيَاسًا لِلْجَارِي عَلَى الدَّائِمِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَنَّ الْجَارِيَ لَا يُنَجَّسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ

الصفحة 66