كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

هُرَيْرَةَ، كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَوْ كَانَ الْغُسْلُ فِيهِ يُجْزِئُ وَلَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ مَا زَالُوا تَضِيقُ بِهِمُ الْمِيَاهُ فِي أَسْفَارِهِمْ فَيَتَوَضَّئُونَ وَلَا يَجْمَعُونَ مِيَاهَ وُضُوئِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ مُطَهِّرَةً لَجَمَعُوهَا، وَلِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ لِإِزَالَةِ مَانِعٍ مِنَ الصَّلَاةِ فَانْتَقَلَ حُكْمُ الْمَنْعِ إِلَيْهِ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَمَا دَامَ الْمَاءُ يَجْرِي عَلَى بَدَنِ الْمُغْتَسِلِ وَعُضْوِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ حَتَّى يَنْفَصِلَ.
فَإِنِ انْتَقَلَ مِنْ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ لَا يَتَّصِلُ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَعْصِرَ الْجُنُبُ شَعْرَ رَأْسِهِ عَلَى لُمْعَةٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ يَمْسَحَ الْمُحْدِثُ رَأْسَهُ بِبَلِّ يَدِهِ بَعْدَ غَسْلِهَا فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، كَمَا لَوِ انْفَصَلَ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّ التَّطْهِيرِ مِثْلُ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِبَلٍّ يَأْخُذُهُ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ يَعْصِرَ شَعْرَهُ فِي كَفِّهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى اللُّمْعَةِ، وَفِي الْأُخْرَى لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ. وَهُوَ أَصَحُّ لِمَا رَوَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ وَضُوئِهِ فِي يَدَيْهِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «اغْتَسَلَ رَسُولُ

الصفحة 74