كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

[مسألة إذا شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ]
مَسْأَلَةٌ:
(وَإِذَا شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ).
يَعْنِي إِذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ تَنَجَّسَ أَمْ لَا بَنَى عَلَى مَا تَيَقَّنَهُ مِنْ طَهَارَتِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ، وَكَذَلِكَ الْبَدَنُ وَالثَّوْبُ وَالْأَرْضُ وَجَمِيعُ الْأَعْيَانِ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُمَهَّدَةٌ فِي الشَّرْعِ وَهِيَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ الْمَعْلُومَةِ وَاطِّرَاحُ الشَّكِّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُكْرَهِ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ سِقَايَاتِ الْأَسْوَاقِ وَالْحِيَاضِ الْمَوْرُودَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ أَوِ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ بَنَى عَلَى الْمُسْتَيْقَنِ، فَإِذَا شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَوِ الْأَطْوَافِ أَوِ الطَّلَقَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ.
وَكَذَلِكَ إِذَا شَكَّ فِي حَيَاةِ الرَّجُلِ وَمَوْتِهِ لِتَوْرِيثِهِ بَنَى عَلَى يَقِينِ الْحَيَاةِ، وَإِذَا شَكَّ فِي خَلْقِ الْجَنِينِ وَقْتَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الْعَدَمُ، وَفُرُوعُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ عَلَى حَالٍ فَانْتِقَالُهُ عَنْهَا يَفْتَقِرُ إِلَى زَوَالِهَا وَحُدُوثِ الْأُخْرَى، وَبَقَاءُ الثَّانِيَةِ وَبَقَاءُ الْأُولَى لَا يَفْتَقِرُ إِلَّا إِلَى مُجَرَّدِ الْإِبْقَاءِ، فَيَكُونُ الْبَقَاءُ أَيْسَرَ مِنَ الْحُدُوثِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ، وَالْأَصْلُ إِلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِنَجَاسَتِهِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى يُبَيِّنَ السَّبَبَ فَيَقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مَسْتُورًا أَوْ مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ، وَخَبَرُ الصَّبِيِّ كَشَهَادَتِهِ.

[مسألة إذا خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ أو غيره]
مَسْأَلَةٌ:
(وَإِنْ خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ أَوْ غَيْرِهِ غَسَلَ مَا تَيَقَّنَ بِهِ غَسْلَهَا)
لِأَنَّهُ اشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَوَجَبَ اجْتِنَابُ الْجَمِيعِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، إِمَّا

الصفحة 83