كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

الْأَنْصَارِيِّ فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
«وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَتِ الْهِرَّةُ أَوِ الْفَأْرَةُ أَوِ الْحَيَّةُ مِنْ مَائِعٍ يَسِيرٍ لَمْ تُنَجِّسْهُ فِي الْمَنْصُوصِ وَقِيلَ تُنَجِّسُهُ لِمُلَاقَاةِ دُبُرِهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْحَيَوَانِ جَمْعُ دُبُرِهِ إِذَا دَخَلَ الْمَاءَ خَوْفًا مِنْ دُخُولِهِ فِيهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنْجِيسُ، وَإِذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَقِيلَ طَاهِرٌ، وَقِيلَ هُوَ نَجِسٌ إِلَّا أَنْ تَغِيبَ غَيْبَةً يُمْكِنُ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِيهَا مَاءً يُطَهِّرُ فَاهَا، وَقِيلَ: نَجِسٌ إِلَّا أَنْ تَلْغُوَا بَعْدَ الْأَكْلِ بِزَمَنٍ يَزُولُ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ بِالرِّيقِ.

الصفحة 88