كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 2)

س: ضربوني وضربتهم قومك.
ومن منع ذلك تأول "فلا تلمه" على أن الضمير يُفسره ما يُفهم من سياق الكلام لا البدل؛ لأن قوله "قد أصبحت" يدل على أن لها راعيًا، فكأنه أعاد الضمير عليه. وتأول "به عود إسحل" على أن يكون الضمير في "به" عائدًا على"عُود اراكة" لفظًا، نحو قوله: عندي درهمٌ ونصفه، وقول الشاعر:
وكل أناسٍ قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده، فهو سارب
ومثال جعله خبرًا قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}. قال الزمخشري: / "هذا ضميرٌ لا يُعلم ما يُعني به إلا بما يتلوه من بيانه، وأصله: إن الحياة إلا حياتنا، ثم وضع هي موضع الحياة؛ لأن الخبر يدل عليها ويبينها". قال: "ومنه: هي النفس تتحمل ما حملت، وهي العرب تقول ما شاءت". قال المصنف - وقد حكي كلام الزمخشري-: "وهذا من جيد كلامه، وفي نظيره بهي النفس وهي العرب ضعفٌ لإمكان جعل العرب والنفس بدلين، وتتحملن وتقول خبرين" انتهى كلامه.
ولم يذكر أصحابنا في الضمير الذي يُفسره ما بعده، ولا ينوي بالضمير التأخير، أن يكون مُفسره الخبر، وإنما هذا يُفسره سياق الكلام. وأما ما ذهب إليه المصنف من أن "هي" مُفسرها هو "حياتُنا الدنيا" الذي هو الخبر فهو فاسد؛ لأنه إذا فسره الخبر، والخبر مضافٌ لشيءٍ وموصوفٌ بشيء، كان ذلك الضمير عائدًا على الخبر بقيد إضافته وقيد صفته، وإذا كان كذلك صار تقدير الكلام: إن حياتنا الدنيا إلا حياتنا الدنيا، ولا يجوز ذلك، كما لا يجوز: ما غلامنا العالم إلا غلامنا العالم؛ لأنه يؤدي إلى أنه لا يُستفاد من

الصفحة 269