كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 2)

ونحو: كان زيد منطلق، وليس عمرو ضاحك، ونحوها من نواسخ الإبتداء، فهي حال دخولها على الجمل التي لم تعمل فيها ملغاة كظننت، وثبت أن ظننت تلغيها العرب، وعمل كان وليس وإن فرع؛ إذ عملها بالتشبيه بالأفعال التي عملها أصل كعمل ظننت، فالقياس يقتضي أن تحمل كان وليس وإن محمل ظننت، فتكون ملغاة.
وأما السماع فإن العرب لم تذكر قط الأمر بهذا اللفظ في هذا المعرض ولا الشأن، فلما لم يقل قط: كان الأمر زيد قائم، ولا: إن الشأن زيد ضاحك، بطل دعواهم.
فإن قالوا: قد ثبت ضمير الأمر والشأن قي قوله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} على تقدير: الأمر الله أحد، فليس كذلك، فإنما هو هناك بمعنى: المعبود الله، أو المصمد إليه، ونحوه.
قال: ثم إنهم يتناقضون، فإنهم يجعلون الجملة من المبتدأ والخبر خبرًا عن الناسخ في نحو: إنه زيد قائم، وكان عمرو ضاحك، واسم الناسخ الذي هو ضمير الأمر تفسيره الخبر، ومن شرط الخبر أن يكون مجهولاً، ومن شرط المفسر أن يكون معلومًا، فهم قد جعلوا الشيء الواحد معلومًا مجهولاً.
قال الأستاذ أبو علي وغيره: أخطأ ابن الطراوة في إنكاره ضمير الأمر والشأن: أما أن الهاء كافة ففاسد لأنها لم تثبت حرفًا إلا ضميرًا، فإخراجها عما استقر لها من الإسمية فاسد، وإنما ادعينا في ما "إنما "أنها كافة لثبوت حرفيتها، ولم نجد بدا من ذلك، وأما إلغاء كان وليس إذ لم يظهر لهما عمل فباطل؛ إذ لم يثبت ذلك فيهما، ثم لم يثبت إلغاء فعل مع تقدُّمه،

الصفحة 272