كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 2)

منه"، وبقول الشاعر:
أمن سمية دمع العين مذروف لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
والقائلون بالجواز اختلفوا: فذهب الجمهور إلى أن فيها ضمير الأمر مستكنًا. وذهب أبو الحسين بن الطراوة إلى أنها غير عاملة في شيء، ولا أضمر فيها أمر وشأن ولا غير ذلك.
ومثال استكنانه في باب كاد قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} في قراءة حمزة وحفص، ففي (كاد) ضمير الأمر، و {يَزِيغُ قُلُوبُ} فعل وفاعل، ولا يجوز أن ترفع ب (كاد) (قلوب)، ويكون (زيغ) في موضع خبر ل (كاد)؛ لأنه من حيث هو خبر تضمن ضمير القلوب، والنية به التأخير، فلا يصح أن يكون (يزيغ) بالياء مسندًا لضمير القلوب؛ إذ لا تقول: القلوب يزيغ.
وقال في البسيط: اتفقوا على أنه يكون في باب كان وأخواتها، وفي ظننت وأخواتها، واختلفوا في أفعال المقاربة، فجوزه س، واستدل بقراءة من قرأ (مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ) بالياء.
وقوله: لشبهه بالحرف وضعًا يعني أن أصل الحرف أن يوضع على حرف واحد أو على حرفين؛ لأن الحروف نائبة عن الأفعال في كثير من المعاني، والفعل يكون ثلاثيًا ورباعيًا، فلما نابت عنها وضعت على الاختصار بأحط منها وضعًا بحرف أو حرفين، فإذا جاء اسم موضوع على

الصفحة 283