كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 5)

الكسائي على زيادة (من)، وعلى هذا ينبغي عنده أن يحمل ما حكاه أبو عبيد في (الأموال) له من أنه -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى خزاعة: "أما بعد، فإن من أكرم أهل تهامة علي وأقربهم رحمًا أنتم ومن تبعكم". وكذلك أيضًا تأول ما حكاه من كلام العرب "إن هكذا الدهر" على أن يكون (هكذا) اسم (إن)، والدهر: الخبر. واستدل على أن (هكذا) تستعمل اسمًا بما حكاه عن بعض العرب من أنه قيل له: "كان هكذا وهكذا"، فقال: "ليس بهكذا"، فأدخل على (هكذا) حرف الجر.
وإنما ذهب الكسائي إلى زيادة (من) في "من أشد" و"من أكرم" لأن مذهبه أن حذف هذا الضمير لا يجوز إذا أدى ذلك إلى أن يكون بعد (إن) وأخواتها اسم يصح عملها فيه، و (المصورون) و (أنتم) يجوز أن تعمل (إن) في ذلك، فتقول: (المصورين) و (إياكم).
والصحيح أن يكون هذا مما حذف فيه الضمير لا على زيادة (من)، ويؤيده اللفظ والمعنى، فأما اللفظ فإن العرب لم تلحظ هذا الذي لحظه الكسائي، بل قالوا: إن بك زيد مأخوذ، وكان يجوز لـ (إن) أن تنصب زيدًا. وأما المعنى فإذا جعلتها زائدة كان المصورون أشد الناس عذابًا يوم القيامة، وليس كذلك إذ غيرهم أشد عذابًا منهم، ممن هو أعظم جرمًا.
ص: وإذا علم الخبر جاز حذفه مطلقًا، خلافًا لمن اشترط تنكير الاسم. وقد يسد مسده واو المصاحبة والحال، والتزم الحذف في (ليت شعري) مردفًا باستفهام.

الصفحة 47