كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

وقد كان يمكن تأويل هذه الأبيات على حذف التمييز عند من يجيز ذلك؛ وجعل المرفوع هو المخصوص، ورفعُ ما بعده على البدل حيث جاء بعده مرفوع لولا أن الأخفش حكى أنَّ ذلك لغة للعرب، قال الأخفش في «الأوسط»: «اعلم أنَّ ناسًا من العرب يرفعون النكرة إذا أضافوها إلى نكرة في باب نعمَ وبئسَ، فيقولون: نعمَ أخو قومٍ أنت، فمن قال ذا قال: نعمَ أخو قومٍ وصاحبُهم أنت، إذا جعلتَ الثاني نكرة، فإن جعلتَه معرفةً لم يَجز هاهنا؛ لأنَّ نعمَ لا تقع على معرفة إلا أن تكون بالألف واللآم، وتكون النكرة مفردةً ومضافة. ومنهم من يرفعها إذا كانت مضافة».
وقال الأخفش أيضًا: «مَن قال: هذا رجلُ وأخوه ذاهبان، فرفع ــ أجاز: نعمَ غلامُ /قومٍ وصاحبُهم أنت، ومَن قال (ذاهبَين) على تعريف الأخ لم يُجز العطف هنا؛ لأنَّ نعمَ لا ترفع معرفةً إلا بالألف واللام، أو بإضافةٍ إلى ما فيه الألف واللام».
وقال الفراء: «يجوز رفع النكرة المضافة إلى نكرة ونصبها، فتقول: نعمَ غلامُ سفرٍ غلامُك، ونعمَ غلامَ سفرٍ غلامُك».
وما ذهب إليه صاحب «البسيط» من أنه لم يَرد نكرةً غيرَ مضافة ــ وإن كان المعنى واحدًا في النكرة المفردة وفي النكرة المضافة ـــ ليس بصحيح؛ وقد حكينا وروده نكرة مفردةً فيما تقدَّم. ويظَهر من كلام المصنف في قوله وقد يُنكَّر مفردًا أو مضافًا تساويهما في القلَّة، وليس كذلك، بل الوارد منه مفردًا قليل جدَّا، والنكرة المضافة أكثر من المفردة.

الصفحة 104