كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

ويقبح عنده تأخره؛ لأنه تمييز وقع موقع المرفوع، وأفاد إفادته؛ لأنَّ كلاً منهما بَّين الجنس الذي مدحتَ به زيدًا. ولا يجوز تقدُّمه على نِعمَ كما لا يجوز تقديم ما وقع موقعة.
وأمَّا الكسائيُّ فيجيز تأخير النكرة عن زيد، فيقول: نعمَ زيدٌ رجلاً، ولا يجوّز تقديمها على نعمَ، كمذهب الفراء، وإن اختلفا في التوجيه، فعلى رأي الكسائي لا يجوز لأنَّ العامل في الحال عامل غير متصرف.
قالوا: والصحيح مذهب س ومعظم البصريين لقولهم: نعمَ رجلاً أنتَ، وزيدٌ بئسَ رجلاً هو، ولو كان الضميرـ وهما أنت وهو ــ فاعلين لاتَّصلا بالفعل، ولم ينفصلا. ولقولهم: إخوتُك نعمَ رجالاً، فيقدمون الممدوح، ولا يضمرون في نعمَ ضميرًا يطابق المخصوص، فدلَّ على أنَّ في نعمَ ضميرًا مستترًا؛ إذ لا يخلو الفعل من الفاعل. ولقولهم: نعمَ رجلاً كان زيدٌ، فيُعملون فيه ناسخ الابتداء، ولو كان فاعلاً لم يعمل فيه ناسخ الابتداء.
ونسب صاحب «البسيط» إلى الكوفيين أنَّ انتصاب رجلاً هو على التفسير للممدوح، ولا يحتاجون إلى تقدير فاعل، فكأنك قلت: زيدٌ الممدوحُ رجلاً، كما تقول: امتلاَ الإناءُ ماءً، والإناءُ ممتلئٌ ماءً.
وذهب ابن الطراوة إلى أنه لا إضمار في الفعل، وأنَّ الفاعل محذوف؛ لأنه لا يَبرُز في التثنية ولا الجمع، ولأنه موضع إبهام لأجل استغراق المدح، ومواضع الإبهام يحسُن فيها الحذف، كقوله:

الصفحة 107