كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

قال بعض أصحابنا: وما ذكروه فيه معنى التعجب، لكنه ليس من هذا الباب، بل من باب: لِلِه دَرُّه فارسًا، وكَفى بك فارسًا، ولذلك فسَّره س بمعنى: كَفَيتَ فارسًا، فكأنه تعجَّب أولاً من أمر، ثم بيَّن من ماذا تعجَّب، لكنه يُستعمل في التعجب، كقولهم: زيدٌ أَيُّما رجل! وإنما يكون من هذا الباب لو ثبتَ أنَّ العرب تُغير الفعل إلى أَفْعَلَ تدلُّ به على المتعجَّب منه، فتقول أَكْرَمتَ بمعنى: ما أَكْرِمك! وأَحْسَنْتَ بمعنى: ما أَحْسَنَك! ويكون ما ينتصب بعده تمييزًا إن كان التعجب له، كما تقول: أَكْرِمْ به أبًا! فإن ثبت هذا فيكون من هذا بمعنى: وُجدْتَ ذا كرم، ولا بُدَّ من السماع.
وزاد بعض النحويين في صيغ التعجب: أَفْعَل من كذا؛ لأنه بمعناه من الزيادة والمبالغة. وقال س: «والمعنى في أَفْعَلَ وأَفْعِلْ به وما أَفْعَلَه واحد». ولأنَّ قياسه فيما يُشتَقُّ منه كقياس ما أفْغَلَه وأَفْعِلْ به، ولذلك لا يجوز: زيدٌ أبيضُ من فلان، ولا: أَعْرَجُ منه، إلا شاذَّا، فهو مرتبط به، فلذلك كان بمعناه.
قال بعض أصحابنا: «وردَّه المققون بأنه موضوع للمفاضلة، ويدخله معنى التعجب كما دخل: لِلِّهِ دَرُّه فارسًا، وليس من هذا الباب، وليس موافقته لأَفْعَلَ وأَفْعِلْ به تدلُّ على أنه موضوع للتعجب، بل لما كان فيه معنى المفاضلة، والتعجب كذلك، وباب المفاضلة هي التي يُشترط فيه تلك الشروط، سواء أكان تعجبنًا أم لا والاشتراك في الأعمَّ لا يوجب الاشتراك في الأخصِّ، لكنه يُستعمل للتعجب، وهو أولى فيه من غيره للمشاركات» انتهى.

الصفحة 201