كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

ما أَعطَى زيدًا! وما أَكسَى خالدًا! وجاز أن تُعَدِّيه بعد ذلك إلى أحد المفعولين باللام، فتقول: ما أَكسَى زيدًا لعمرٍو! وما أَكسَى زيدًا للثياب! فإن جاء من كلامهم: ما أَعطَى زيدًا لعمرٍو والدراهمَ! وما أَكسَى زيدًا للفقراءِ الثيابَ! فمذهب البصريين أنه ينتصب بإضمار فعل، تقديره: أَعطاه الدراهمَ، وكَساهم الثيابَ.
ومذهب الكوفيين أنه منصوب بنفس فعل التعجب.
وإن كان من باب ظَنَّ فإنك تقتصر على الفاعل، فتقول: ما أَظَنَّ زيدًا! وما أَزْعَمَ زيدًا! هذا /مذهب البصريين. وأمَّا الكوفيون فيجيزون ذكرهما بشرط دخول اللام على الأول ونصب الثاني، هذا إن أُمن اللبس، نحو: ما أَظَنَّ زيدًا لبكرٍ صديقًا!
أصله: ظَنَّ زيدٌ بكرًا صديقًا. وإن خيفَ لبسٌ أَدخلتَ اللام على كل من المفعولين،
فتقول: ما أَظَنَّ زيدًا لأخيك لأبيك! أصله: ظَنَّ زيدٌ أخاك أباك.
وقال المصنف في الشرح: «فإن كان قبل التعجب متعدًيا إلى اثنين جررت الأول باللام، ونصت الثاني عند البصريين بمضمر مجرد مماثل لتالي (ما)، نحو: ما أكسَى زيدًا للفقراءِ الثيابَ! والتقدير: يكسوهم الثياب. وكذا يفعلون في: ما أَظَنَّ عمرًا لبشرٍ صديقًا! يقدرون: يَظُنُّه صديقًا. والكوفيون لا يضمرون، بل ينصبون الثاني بتالي (ما) بنفسه. ذكر هذه المسألة ابن كيسان في (المهذب)» انتهى.
وهذا النقل عن البصريين والكوفيين مخالف لِما ذكرناه نحن؛ لأنَّا حكينا أنَّ مذهب البصريين في نحو كسا أنك تنصب المتعجَّب منه، وهو الذي كان فاعلاً في كسا، ويتعدى لأحدهما فقط باللام، وأنه إن وجد الثاني منصوبًا فتأويله أنه ينتصب على إضمار فعل. وأمَّا في باب ظَنَّ فإنك تقتصر على الفاعل فقط، فتنصبه في التعجب، ولا يجوز أن يتعدَّى إلى شيء من الأول ولا من الثاني باللام، ولا إلى

الصفحة 224