كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

الأول باللام وإلى الثاني بنفسه، هذا مذهب البصريين. وأمَّا مذهب الكوفيين في باب كسا فإنهم ينصبون ما كان قبلُ فاعلاً، ويُعَدُّون إلى الثاني باللام وإلى التالي بنفسه. وأمَّا في باب ظَنَّ فيفصلون بين أن يُلبَس الأول بالثاني أو لا، إن أَلبَس فإنهم يُعَدُّون فعل التعجب إلى كل منهما باللام، ويكون التقديم والتأخير مبينًا اللبس،
فما تقدم هو الأول، وما تأخر هو الثاني، كحالهما إذا قلت ظَنَّ زيدٌ أخاك أباك.
وإن لم يُلبس تعدَّى إلى الأول باللام، وإلى الثاني بنفسه. فلم يحقق المصنف مذهب البصريين ولا مذهب الكوفيين في المسألتين معًا، إذ حكي ما حكي عنهم فيهما، وليس بصحيح.
وقال صاحب البسيط: وأمَّا ظَنَنتُ وأخواتها فيجوز بشرط الاقتصار على الفاعل، ثم تغَّير إلى فَعُلَ، فتقول: ما أَظَنَّنِي! ولا تذكر المفعولين ولا أحدهما، أمَّا الأول فلضرورة نقله إلى فَعُلَ، وأمَّا الثاني فلامتناع الاقتصار على أحد الجزأين، ولا يصح دخول اللام. فإن كان في موضع مفعوليه «أنَّ» جاز لأنه يتعدى إليه بحرف جرّ، كما تقول: ما أَضْرَبَ زيدًا لعمرٍو! على ما نذكره، فتقول: ما أَعْلَمَنِي بأنك قائم! وقد أجاز بعضهم حذف الباء، فتقول: ما أَعْلَمَنِي أنَّك قائمٌ.
وأمَّا أَعلَمتُ فمَن جوَّزَ أَفْعَلَ جوَّز هذا بشرط الاقتصار على الفاعل؛ لأنَّ التعجب إنما يكون في الأكثر من صفة الفاعل، ولا يذكر ما عداه ولا أحدهما.
ومَن منع في النقل أو على العموم مَنع هنا مع التباسه بـ «ما أَعْلَمَنِي»! مِن عَلمت، وهم يباعدون الالتباس هنا؛ لأنَّ مرادهم بيان ما التعجب منه ليكون عذرًا لهم فيه، فلا يكون فيما يَلتبِس.

الصفحة 225