كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

وما ذهب إليه المصنف من أنَّ عاجَ ــ بمعنى انتفعَ ــ استعملته العرب منفيَّا لا مثبتًا ليس بصحيح، أنشد أبو علي القالي في «النوادر»، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:
ولم أرَ شيئًا بعدَ لَيلَى أَلَذُّهُ ... ولا مَشْرَبًا أَرْوَى بهِ، فأَعِيجُ
وأمَّا كونه متصرفًا فاحتراز مما لا يتصرف، نحو يَذّرُ ويَدَعُ ونحوهما، فإنه لا يجوز أن يصاغ منه؛ لأنه إذا بُني منه كان تصرفًا فيه، والفرض أنه غير متصرف.
وقال المصنف في الشرح: «ومثلهما في الشذوذ قولهم: ما أَعْساه! وأَعْسِ به!
معناه: ما أَحَقَّه! وأَحْقِقْ به! فبَنَوا فعل التعجب من عَسى، وهو فعل غير متصرف»
انتهى. ويعني بقوله «ومثلُهما» أي: ومثل أَقْمِنْ به! أي: أَحْقِقْ.
وأمَّا كون معناه قابلاً للكثرة فاشترطه الفراء، وهو صحيح واحتراز من الأفعال التي لا تقبل الزيادة، نحو مات وفَنِيَ وحدثَ، فلا تقول: ما أَمْوَتَ زيدًا!
ولا: أَمْوتْ به! وقد شذَّ من الألفاظ الثابتة التي لا يقبل معناها الزيادة قولهم: ما أَحْسَنَه! وما أَقْبَحَه! وما أَقْصَرَه! وما أَطْوَلَه! وما أَهْوَجَه! وما أَشْنَعَه! وما أحْمَقَه! وما أنْوَكَه! وسيأتي اختيار المصنف في بعض هذه الألفاظ إن شاء الله.

الصفحة 229