كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

واختلف الذاهبون إلى أنَّ أل للجنس حقيقة في سبب كونه جنسًا وتوجيه المدح فيه للشخص مع أنه واقع على الجنس:
فقيل: لَمَّا كان الغرض عموم المدح واستغراقه في الثبوت للممدوح المخصوص، وكان الأبلغ في إثبات الشيء أن يُجعل للنوع الذي الممدوح منهم، حتى لا يكون طارئًا عليه، ويحسب أنه يزول ويرتفع ـــ عدلوا إلى مدح الجنس،
فكأنك قلت: زيدٌ نِعمَ جنسُه وقوله أي: ثَبَتَ لهم الوصف الجميل والصلاح، وما ثَبَتَ للجنس ثَبَتَ لأفراده، فَتثُبت للممدوح تلك الفضيلة، ولا تكون إلا بالاستغراق في واحد واحد، وهذا تأويل س، ولذلك قال: «لأنك تريد أن تجعله من أُمَّة كلُّهم صالحٌ»، ولذلك شبهه بقولك: زيدُ فارهُ العبد، تريد أنَّ في ملكه العبد الفارهَ لا عبدًا بعينه.
وقد رُدَّ هذا بوجهين:
أحدهما: أنك إذا مدحت الجنس جعلت المقصود بالمدح تبعًا لهم، فيصير المقصود غير مقصود، ولأنَّ ما ثَبت للشيء على جهة الشَّركة فيه لا يكون مدحًا يؤثر ميلاً إلى الممدوح بخصوصيته، والمراد بالمدح ذلك.
والثاني من وجهي الرد: أنه يؤدي إلى التكاذب في مدح الجنس وذمه إذا قلت: نِعمَ الرجلُ زيدٌ، وبئسَ الرجلُ عمرٌو، ولا يكون الشيء ممدوحًا مذمومًا، وقال تعالى {نِعْمَ الَعَبَدُ} يعني أيوب، وليس كل العبد ممدوحا.
وقيل: السبب في ذلك أنه لَما كان الفعل عامَّا في المدح جعلوا فاعله عامَّا ليطابق الفعل؛ إذ لا يكون الفعل عامَّا والفاعل خاصَّا.

الصفحة 86