كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

وقال بعض أصحابنا: «فإن قيل: كيف طريق الاستقراء في هذا، ولم يسمع النحوي سوى نِعمَ واسمٍ بعدها معرَّف بالألف واللام، والاسمُ المعرَّف بالألف واللام مشترك بين الجنس والعهد، فما الذي حمله على أن يقول: لا تكون إلا للجنس؟
فالجواب: أن ذكر حذف التاء في (نعمَ المرأةُ هندٌ) في الفصيح والتزام أل في فاعلها، ولا يُلتزم في اسمٍ من جهة الإخبار عنه إلا لأحد أمرين: إما لحصرِ الصنف، وإما لعهدٍ في شخص، وكلُّ ما تكون فيه أل للعهد يَسوغ زوالها منه وتصريفه على غير معنى العهد؛ إذ معنى العهد عارض في الكلام وراجع إلى وضعٍ باختيار من المتكلم، وأل الُمنبئةبالحصر لا يمكن زوالها؛ لأنها مبيِّنة لحقيقة الاسم، تنَزل من الكلام منْزلة بنية الجمع؛ ألا ترى أنه لا سبيل لك إلى هدم بنية الجمع من الإخبار؛ لأنه لا تؤدي بنية المفرد معناه، وأل العهدية ليس لها من جهة حقيقة الاسم في نفسه /زيادة سوى تخصيصه، والتخصيصُ أمرٌ زائد عليه، ووجدنا العرب قد التزمت أل هنا، فعرفنا أنها لم تلتزمها إلا لكونها تفيد في حقيقة الاسم ما لا يمكن تحصيله دونهما من جهة ضرورة الإخبار.
فإن قيل: هاتان الدلالتان اللتان ذكرنا غايُتهما أن تؤثرا ظَّنا في الموضع لا قطعًا، وربما يُعترض فيهما، فيقال: قولهم: نِعْمَتِ الرأةُ، ونِعمَ المرأةُ في فصيح الكلام ــ إنما سقطت التاء لأنَّ الفعل غير متصرَّف فيه كما تُصُرَّفَ في سائر الأفعال، ولا يلزم عليه اطَّراد ذلك في ليس، وإن كانت لم تتصرف؛ لأنه ما ثبتَ فيه حكم أصل قوي لا يُسأل عنه لأي شيء ثبت فيه، إنما يُسأل عنه إذا لم يثبت فيه، فهذه الدلالة الواحدة معترضة. والدلالة الثانية كذلك؛ لأنَّ مجرد التزام أل لا

الصفحة 89