كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

يدل على الجنس؛ إذ يمكن أن تكون للعهد، وتكون أولا موضوعة عليه، فإذا كان الكلام موضوعًا عليه كان المعنى لا يحصل دونه، فلا سبيل إلى إزالتها؛ لأنها أن أزيلت لم يبق ما يدل على ما وُضع الكلام عليه؛ ألا ترى أنَّ هذه الجملة ـــ أعني جملة المدح والذمَّ ـــ كيف التُزم فيها أن تكون خبرًا لمبتدأ، هو المخصوص بالمدح أو الذمّ إن تقدم، أو مفسَّرًا فاعلها به إن تأخر، فلا بدَّ من ذكره على كل حال، فتلك إحالة عليه، ولا مانع من هذا التصور.
فإن قيل: قد ذكرت الدلالتين ومعارضتهما، وأوجبتَ عند ذاك أن تكون أل عهدية، أو حَّملت الموضع ذلك، فهلاً بسطت القول في معنى المحتملين؛ إذ هما متباينان، وتنسب ذلك لمعنى المدح أو الذمّ، فربما يلوح عند ذلك أحد المحتملين، فُيصار إليه، ويُعوَّل عليه، أو يتكافأ الامران، فتكون، المسألة مسألة خلاف.
قلت: أمَّا المعنى المؤدَّى بأل الجنسية منسوبًا لمدح أو ذمّ في حق المخوص بأحداهما فهو بطريق سراية، ولهم في ذلك منْزعان:
أحدهما: أنك إذا قلت زيدٌ نعمَ الرجلُ كنت مادحًا لزيد بإسنادك بنية المدح لجنسه، وإذا كنت قد مدحت جنسه ضمن ذلك مدحه، وهذا هو الذي جرى عليه أكثرهم، والجنس مع هذا مأخوذ على الحقيقة.
والمْنزع الآخر: هو أن تجعل الممدوح هو جميع الجنس مبالغة، فإذا قلت: زيدٌ نعمَ الرجلُ، فكأنك قلت: زيدُ نِعمَ زيدُ، ولكن وضعتَ اسم الجنس موضعه مضمنًا تشبيه زيد بجنسه، والجنسية مستفادة على هذا. وجعل صاحب هذا المْنزع هذا المعنى من باب:

الصفحة 90