كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

وليسَ لِلَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يجمَعَ العالَمَ في واحدِ
ومثل المعنى في قولهم «أكلتُ شاةً كلَّ شاةٍ» إذ جعلت الشاة المذكورة كأنها جميع الشياه مبالغةً. قال: ومثل قولهم: «كلُّ الصيَّد في جوف الفَرَا».
قلت: هذا لا يُنكر في المعاني، وهو من قبيل المبالغة وتشبيه الأقل بالأكثر، وإقامة الجزء مقام الكل عند وصف فيه مستحسن من باب التجوز، ولكن لم ترد العرب هذا المعنى إلا /بألفاظ تنصّ عليه، وموضعنا هذا ليس فيه من التنصيص على هذا المعنى قليلُ ولا كثيرٌ، فهو حال لا يعوَّل عليه.
واعلم أنَّ النحوي ليس في استطاعته فهم هذا من العربي إلا لو شرحه ونظره، وهذا لم يُنقل فعله عن العرب، فلا سبيل إليه إلا أن يكون المدح يسري إلى زيد من ذكر جنسه بعد صيغة المدح على المنْزع الأول.
وأمَّا إذا أخذنا أل عهدية فتقول: زيدٌ نِعْمَ الرجلُ، أو نِعْمَ الرجلُ زيدٌ، وعنيت بالرجل زيدًا، وبزيد الرجل، كنت قد قرنت بنية المدح بالعبارة الداَّلة بمطابقة على الممدوح من غير تكلُّف.
لكن بقي عليك أن يقال: ما فائدة ذكرك الرجل مع زيد إذ هو هو، هلاَّ قلت «نِعْمَ زيدٌ» إذا أردت مدحه، كما تقول: ما أحسنَ زيدًا! إذا أردت التعجب منه من غير زيادة شيء آخر؟
فنقول: قد كان ذلك لهم لو اختاروه، ولكن جرت طباعهم على أن يذكروا الممدوح أو المذموم بعبارتين، إحداهما ليس لها به اختصاص؛ لأنها صادقة على آحاد

الصفحة 91