كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

وقد ضُعَّفَ النصبُ على التمييز بأنَّ التمييز لا بُدَّ أن يكون قابلاً للألف واللام؛ وهذا معلوم بالاستقراء، وبأن التمييز إنما يجاء به لتبيين جنس المميَّز إذا أبهم، و «ما» في غاية الإبهام، فلا تكون تمييزًا، وقد قال س: «فأمَّا ما فإنها مُبهَمة تقع على كل شيء» وقد نص أصحابنا على أنه لا يُميَّز بالأسماء المتوغلة في البناء ولا بالأسماء المتوغلة في الإبهام كشيء وموجود وشبههما، ولا اسمَ أدخلُ في البناء والإبهام من «ما»، فلا يجوز التمييز بها.
وقد ردَّ أبو ذَرَّ مُصعب بن أبي بكر الُخشَنِيّ على أبي علي الفارسيّ تخريجه قوله تعالى {فنعما هي} على أن تكون «ما» تامَّة في موضع نصب على التمييز، وكان يقول: هي كالمضمر المجهول الذي في نِعمَ، لا يُدرى ما يُعنَى به، وكذلك ما، ولا يُفَسَّر الشيء بما هو مثله في الإبهام، وإنما ينبغي أن تكون «ما» فاعلة نِعمَ، أي: فنِعمَ الشيء هي.
وهذا الذي قاله أبو ذَرَّ مخالف لقول ابن مُلكون، قال: «(ما) هنا أشدُّ إبهامًا من (شيء)، وموقعها هنا أحسن موقع؛ لأنَّ القصد في المدح والذم تعميم جنس الممدوح والمذموم، فكأنه هنا مدح كل شيء لأجل الذي ذكر، أو ذم كل شيء» انتهى.
وذهب قوم إلى أنَّ ما مع نِعمَ وبئسَ كالشيء الواحد، لا موضع لها من الإعراب، قالوا: والاسم الواقع بعدها مرفوع بِنعمَ وبئسَ، ومَن قال: بَئسَت المرأةُ هندٌ لم يقل: بِئسَتْ ما هندٌ، ومَن أجاز: نِعمَت المنْزلُ مكةُ لم يلزمه أن يقول: نِعمَتْ ما جاريتُك.

الصفحة 96