كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 10)

فإذا جئت بعدَ «ما» بالفعل، نحو: نِعمَ ما صنعتَ ــ فـ «ما» محذوفة، والتقدير: نِعْمَ ما ما صَنعتَ، فـ «ما» الأولى مبهمة، والثانية يفسِّرها ما في صلتها، وكفَت إحداهما عن الأخرى.
واختلفوا في المحذوفة: فقال الكسائي: المحذوفة هي الثانية. وقال الفراء: المحذوفة هي الأولى.
ولا يَحسُن في الكلام «بئسَ صنعُك» حتى تقول: بئسَ الصنعُ صنعُك، وهذا كما تقول: أظنُّ أن تقوم، لايَحسُن: أظنُّ قيامَك، وإن كان بمعناه، حتى تقول: أظنُّ قيامَك سريعًا، أو نحوه مما تريد من المعنى. وإنما حسُن: نِعمَ ما صنعتَ، وأظنُّ أن تقوم، حين صار الكلام على قسمين، وكفى من الاسمين اللذين بعد الظنّ ونعمَ.
قالوا: فإن قدَّرت (ما) تقدير (الذي)، و (الذي) لا يجوز أن يلي نِعمَ وبئسَ، وليس الآن قبله ما تعتمد نِعمَ عليه من المفسر، فهناك (ما) محذوفة مكتفًى منها بالذي وصلت بالفعل، وتقديرها لو جيء بها تقدير المنصوب. وإن جعلتَ ما في معنَى ما فيه أل اكتفيتَ بها من التي في معنى الذي، فصارت كقول العرب: نِعمَ الرجلُ عندك، ونِعمَ الرجلُ أكرمت. انتهى نقل هذا المذهب.
وهذا الذي ذُكرأنه من كلام العرب فيه خلاف، ذكره ابن أصبغ، قال: «أجاز الكسائي: نِعمَ الرجلُ يقوم، ونِعمَ الرجلُ عندي، ومنعه أكثر النحويين» انتهى. /وقد جاء في الشعر ما يدل على جواز: نِعمَ الرجلُ يقوم، قال الأخطل:
إلى خالدٍ، حتي أُنِخْنَ بخالدٍ ... فنِعْمَ الفَتى يُرجَى، ونِعْمَ المُؤَمَّلُ

الصفحة 97