كتاب الحد الفاصل بين الإيمان والكفر

لهذا مخالف، ولا شك أن المطالبة بتحليل ما حرم الله كفر مخرج من الملة لأنه في حقيقته محاربة لدين الله وحرب له، وتسفيه لقانون الله ونظامه وشريعته. وهذا هو سر كفر مستحل الحرام إذ هو في حقيقته معترض على تشريع الله، والاعتراض لا يصدر إلا عن مستصغر لأمر الله وهذا فيه نسبة النقص إلى الله وهو الكفر.
ومن فهم هذا الأصل عرف لماذا طرد الله إبليس من رحمته ولعنه بمجرد أن قال لله تبارك وتعالى: {أأسجد لمن خلقت طيناً} ؟.. (الإسراء: 61) لأن في هذا القول استصغاراً لأمر الله. واعتراضاً على حكمته فكل من قال وماذا في الخمر حتى يحرمها الله؟.. أو قال: إن الزنا عملية طبيعية لا دخل للأخلاق والدين والتقاليد فيها فهو كافر كفر إبليس عليه لعنة الله وغضبه. وهذا الأمر نفسه ينصرف إلى من أمره الله بعمل واجب فقال لا أفعل ولا أذعن لأمر الله فما هذه الصلاة؟ وما الزكاة؟.. بل إن مثال إبليس ألصق بها لأن إبليس كان مأموراً بواجب ولم يكن منهياً عن حرام. والأمر أن مستويان، فإن حصل جحود الواجب وإنكاره فهو كفر، وإذا حصل فعل الحرام واستحلاله فهو كفر وليس لهذا الأمر مخالف في علماء المسلمين والحمد لله رب العالمين.

الصفحة 31