كتاب مدخل في علوم القراءات

حَمِيدٍ} 1، والتناقص لا يجتمع مع الإبانة والوضوح، وقد وصف الله كتابه فقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين} 2.
وهذا الاختلاف ينحصر في وجوه ثلاثة:
أولها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد.
مثالها: كلمة "الصراط" تقرأ بالصاد والسين3، والإشمام، وكلمة "عليهم"4 بكسر الهاء وضمها.
ثانيهما: اختلاف اللفظ والمعنى مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.
مثالها: "مالك5، ملك" في الفاتحة، فبرغم أن الملك يزيد عن المالك معنى السلطة إلا أن المراد بهما واحد وهو الله تعالى. ومثل قوله تعالى في سورة البقرة: {كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، "ننشرها"6 بالراء والزاي؛ لأن المراد بهما العظام؛ لأن الله تعالى أنشرها أي أحياها، وأنشزها؛ أي: رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فيجتمع المعنيان في القراءتين أخيرًا في معنى واحد.
ثالثها: اختلافهما في اللفظ والمعنى، وامتناع اجتماعهما في شيء واحد جوازًا، بل يتفقان من وجه آخر يساير المعنى العام وينتفي معه التضاد.
__________
1 فصلت: 43.
2 الشعراء: 195.
3 قرأ بالسين قنبل عن ابن كثير -الكشف ج1 ص 34.
4 قرأ بضم الهاء حمزة ووافقه يعقوب -راجع الكشف ج 1 ص 35.
5 قرأ "ملك" بغير ألف جماعة من الصحابة وغيرهم، منهم أبو الدرداء، وابن عباس، وابن عمر، ومروان بن الحكم ومجاهد، المرجع السابق ص27.
6 قرأها الكوفيون وابن عامر بالزاي، وقرأها الباقون بالراء -الكشف ج1 ص31.

الصفحة 28