كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 51)

قال ابن عساكر (1) لما سمعنا هذه الحكاية من شيخنا أبي بكر وجيه الشحامي أنا والشيخ أبو سعد بن السمعاني رحمه الله في بيت ابنه يوسف بن وجيه ليلا كأنا استبعدنا صحتها وأنكرناها لحال البلوى في إسنادها ونمنا فلما استيقظنا ذكر لنا الشيخ أنه رأى في نومه النبي (صلى الله عليه وسلم) أو الشافعي أنا أشك وهو يقول أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون أو كما قال أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه أنبأنا أبو البركات بن طاوس أنبأنا أبو القاسم الأزهري أنبأنا أبو علي بن حمكان حدثنا محمد بن الحسن النقاش حدثنا أبو الحسن مهران بن هارون بالري حدثنا أبو موسى هارون بن يزيد حدثنا أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي قال استحضرني ذات يوم أمير المؤمنين الرشيد فلما دخلت عليه دفعني وأدناني منه وإذا المجلس فيه جميع عظيم ومحمد بن الحسن الفقيه جالس فلما سكن روعي قال لي أتدري لم أحضرتك يا أبا الحسن فقلت لا يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك قال إني أحضرتك لأمر سرني فأحببت أن أسرك به أيضا فقلت سرك الله في جميع الأمور ووقاني فيك كل محذور فقال إني رأيت البارحة فيما يرى النائم سيدي وابن عمي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كأنه قد دخل علي في البيت الذي كنت فيه وقائل يقول لي يا هارون هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد دخل عليك فلما بصرت به وقعت علي الرعدة وأخذني الزمع (2) واعتراني البكاء وسقطت على وجهي فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى وقف علي وقال لي ارفع رأسك يا هارون وأبشر فإن الله قد شكر لك خوفك منه ولجأك إليه فغفر لك ورحمك فلا خوف عليك وإن الله قد جعل الخلافة في ذرية ولدك محمد إلى أن تقوم الساعة فرفعت رأسي وأقبلت أحمد الله وأثني عليه وإذا بمحمد بن إدريس الشافعي يده في يد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكأني قد غبطته بمكانه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا هارون أتعرف هذا فقلت نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي هذا الشافعي فقال نعم هذا المطلبي هذا سيد المسلمين الفقيه الورع أفهمت يا هارون فقلت نعم يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لي استوص به خيرا فإنه على الحق مع سنتي وإن الله سينفع به بشرا كثيرا ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الشافعي
_________
(1) زيادة منا للايضاح
(2) الزمع: شبه الرعد تأخذ الانسان إذا هم بأمر
أو من خوف ونشاط (تاج العروس: زمع)

الصفحة 322