كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 51)

بن خزيمة (1) يقول سمعت إسماعيل بن يحيى المزني قال دخلت على محمد بن إدريس الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت يا أبا عبد الله كيف أصبحت قال فرفع رأسه فقال أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا ولسوء فعلي وقال الخلال عملي ملاقيا وعلى الله واردا ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها أو وقال الخلال أم إلى النار فأعزيها ثم بكى وأنشأ يقول (2) * فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي * جعلت الرجا من نحو عفوك سلما * وقال الخلال رجائي نحو * تعاظمني ذنبي فلما (3) قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما * * فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل * تجود وتعفو منة وتكرما * زاد البحيري هذه الثلاثة أبيات * فإن تنتقم مني فلست بآيس * ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما فلولاك لم يغوى (4) بإبليس عابد * فكيف وقد أغوى صفيك آدما وإني لآتي الذنب أعرف قدره * وأعلم أن الله يعفو ويرحما * أخبرنا أبو الفضل محمد بن حمزة بن إبراهيم القرائي أنبأنا والدي الشيخ العالم أبو يعلى حمزة بن إبراهيم حدثنا الشيخ إسماعيل بن موسى البقلي حدثنا الشيخ أبو بكر محمد ابن نصر حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الخطيب قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد ابن شاكر قال سمعت المزني قال دخلت على الشافعي عند وفاته فقلت له كيف أصبحت يا أستاذ فقال أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا وبكأس المنية شاربا وعلى الله واردا ولسوء أعمالي ملاقيا فلا أدري نفسي إلى الجنة تصير فأهنيها أم إلى النار فأعزيها فقلت عظمي فقال لي اتق الله ومثل الآخرة في قلبك واجعل الموت نصب عينيك ولا تنس موقفك بين
_________
(1) الخبر والابيات في سير اعلام النبلاء 10 / 75 - 76 ومعجم الادباء 17 / 303 والوافي بالوفيات 2 / 179 وتاريخ والاسلام (حوادث سنة 201 - 210) ص 340 - 341
(2) الابيات في ديوان الشافعي ص 179 ط دار الفكر
(3) بالاصل: " فلو " والمثبت عن د و " ز "
(4) في الديوان بنسختيه يصمد

الصفحة 430