كتاب التذكرة في الفقه لابن عقيل

كتاب الأشربة
قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}. ثم علل سبحانه التحريم بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ {188/ أ} وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} (¬1). فكل شراب أسكر، وصد عن ذكر الله، وأوقع العداوة والبغضاء فهو حرام ويجب الحد لشربه، ويسمى خمراً، لأن الخمر ما غطى العقل، فعلى ذلك يحرم عصير العنب، ونبيذ التمر، والذرة، والحنطة، والشعير، والعسل؛ فأما نبيذ الأوعية قبل الشدة، والحنتم، والدبا، والمزفت، والنقير، فالحنتم نبيذ الجر، والدبا القرع، والمزفت الدن، والنقير الخشب المنقور، وذلك لأن المنقوع في هذه الأوعية تعثلم ويشتد بسرعة بخلاف نبيذ السقا الادم وغيره من الجلود، لأنه لا يسرع الاشتداد إليه.
ويحرم العصير بأحد أمرين: إما اشتداده وغليانه، أو يمضي عليه ثلاثة أيام.
وإذا قلب الله عينه {188/ ب} أبيح شربه وطهر، فإن عالجه آدمي لم يطهر ولم يبح.
وحد الشرب ثمانون جلدة في أصح الروايتين (¬2). والثانية: أربعون.
وتقام الحدود بالسوط دون النعال.
وإذا أقر بشرب الخمر ولم توجد من فمه الرائحة وجب الحد، ولو وجد في فيه رائحة الخمر لم يقم عليه الحد لجواز أن يكون هناك ضرورة لدفع لقمة به،
¬__________
(¬1) سورة المائدة "90، 91".
(¬2) هذا هو المذهب. انظر: المغني 12/ 498، والإنصاف 10/ 229.

الصفحة 310