كتاب التفسير والمفسرون (اسم الجزء: 1)

خصيماً مبيناً، وقولهم: ركب فلان من منزله فإذا هو فى ضيعته، وسقط من أعلى الحائط فإذا هو فى الأرض، ونحن نعلم أن بين خروجه من منزله وبلوغه ضيعته زماناً، وأنه لم يصل إليها إلا على تدريج، وكذلك الهابط من الحائط، وإنما فائدة الكلام الإخبار عن تقارب الزمان وأنه لم يطل ولم يمتد".
* *
* ليس فى الأمالى أثر للتشيع، وإنما فيه عزو أُصول المعتزلة إلى الأئمة من آل البيت:
هذا.. وإنَّا لا نكاد نجد أثراً ظاهراً للتشيع فيما فسَّره الشريف المرتضى من الآيات فى آماليه، رغم أنه من شيوخ الشيعة وعلمائهم، غير أنَّا نجد منه محاولة جَدِّية، يريد من ورائها أن يثبت أن أصول المعتزلة مأخوذة من كلام أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، ومن كلام غيره من أئمة الشيعة وغيرهم، وذلك حيث يقول فى المجلس العاشر (جـ1 ص103، 104) ما نصه: "اعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين علىّ (عليه السلام) وخطبه وأنها تتضمن من ذلك ما لا مزيد عليه ولا غاية وراءه، ومَن تأمل المأثور فى ذلك من كلامه علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد فى تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأصول، ورُوى عن الأئمة من أبنائه عليهم السلام ما لا يكاد يُحاط به كثرة، ومَن أحب الوقوف عليه وطلبه من مظانه أصاب منه الكثير الغزير الذى فى بعضه شفاء للصدور السقيمة، ونتاج للعقول العقيمة، ونحن نُقدِّم على ما نريد ذكره شيئاً مما يُروى عنهم فى هذا الباب".. ثم ساق أشياء كثيرة منها ما نصه: "وروى صفوان بن يحيى قال: دخل أبو قرة المحدِّث على أبى الحسن الرضا عليه السلام، فسأله عن أشياء من الحلال والحرام، والأحكام والفرائض، حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: إنَّا رُوينا: أن الله قَسَّم الكلام والرؤية، فقسم لموسى عليه السلام الكلام، ولمحمد صلى الله عليه وسلم الرؤية، فقال الرضا عليه السلام: فمَن المبلِّغ عن الله إلى الثَقَلين - الجن والإنس -: أنه {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار} [الأنعام: 103] ، {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110] ، و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] .. أليس محمد نبياً صادقاً؟ قال: بلَى. قال: وكيف يجئ رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنه جاء من عند الله يدعوهم إليه بأمره ويقول: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار} ، {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .. ثم يقول: سأراه بعينى، وأُحيط به علماً، ألا تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا، أن يكون يأتى عن الله بشئ، ثم يأتى بخلافه من وجه آخر. قال أبو قرة: فإنه يقول: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى *
عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} [النجم: 13-14] .. قال عليه السلام: ما قبل هذه الآية يدل على ما رأى حيث يقول: {مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى}

الصفحة 301