كتاب التفسير والمفسرون (اسم الجزء: 1)

بن حبيب فى تفسيره بإسناده: أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه سأله سائل عن القَدَر فقال: دقي لا تمش فيه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبِرنى عن القَدَر، فقال: بحر عميق لا تَخُضْ فيه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبِرنى عن القَدَر، فقال: سر خفى لله لا تُفشِه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبِرنى عن القَدَر، فقال علىّ (رضى الله عنه) : يا سائل؛ إن الله خلقك كما شاء أو كما شئت؟ فقال: كما شاء، قال: إن الله تعالى يبعثك يوم القيامة كما شئت أو كما شاء؟ فقال: كما شاء. فقال: يا سائل؛ لك مشيئة مع الله أو فوق مشيئته أو دون مشيئته؟ فإن قلت: مع مشيئته، ادعيت الشركة معه. وإن قلت: دون مشيئته، استغنيتَ عن مشيئته. وإن قلت: فوق مشيئته، كانت مشيئتك غالبة فى مشيئته. ثم قال: ألست تسأل الله العافية؟ فقال: نعم، فقال: فعن ماذا تسأله العافية؟ أمن بلاء هو ابتلاك به؟ أو من بلاء غيره ابتلاك به؟ قال: من بلاء ابتلانى به. فقال: ألست تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم؟ قال: بلى، قال: تعرف تفسيرها؟ فقال: يا أمير المؤمنين، علِّمنى مما علَّمك الله، فقال: تفسيره: أن العبد لا قدرة له على طاعة الله ولا على معصيته إلا بالله عَزَّ وجَلَّ، يا سائل؛ إن الله يسقم ويداوى، منه الداء. ومنه الدواء، اعقل عن الله، فقال السائل عقلت، فقال له: الآن صرتَ مسلماً، قوموا إلى أخيكم المسلم وخذوا بيده، ثم قال علىّ: لو وجدتُ رجلاً من أهل القَدَر لأخذت بعنقه، ولا أزال أضربه حتى أكسر عنقه، فإنهم يهود هذه الأُمة.
وبعد ... فهذه هى أمالى الشريف المرتضى، وهى وإن كانت لا تصوِّر لنا تفسيراً متناولاً للقرآن كله إلا أنها يمكن أن تكشف لنا عن مبلغ تأثر صاحبها بعقيدته الاعتزالية فى بحوثه التفسيرية التى عالجها، كما تكشف لنا عن مبلغ ما كان لفنه الأدبى من الأثر الظاهر فى التفسير.
* * *

الصفحة 303