كتاب الإيمان لابن تيمية

والنبوة] ، فالنبوة داخلة في الرسالة، والرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها؛ فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، فالأنبياء أعم، والنبوة نفسها جزء من الرسالة، فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة؛ فإنها لا تتناول الرسالة.
والنبي صلى الله عليه وسلم فسر [الإسلام والإيمان] بما أجاب به، كما يجاب عن المحدود بالحد، إذا قيل: ما كذا؟ قيل: كذا، وكذا. كما في الحديث الصحيح، لما قيل: ما الغِيبَة؟ قال: " ذِكْرُك أخاك بما يَكْرَه ". وفي الحديث الآخر: " الكِبْر بَطَر الحق، وغَمْط الناس ". وبَطَر الحق: جحده ودفعه. وغَمْط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
وسنذكر إن شاء الله تعالى سبب تنوع أجوبته، وإنها كلها حق.
ولكن المقصود أن قوله: " بُنِي الإسلام على خمس "، كقوله: " الإسلام هو الخمس " كما ذكر في حديث جبرائيل؛ فإن الأمر مركب من أجزاء، تكون الهيئة الاجتماعية فيه مبنية على تلك الأجزاء ومركبة منها؛ فالإسلام مبني على هذه الأركان وسنبين إن شاء الله اختصاص هذه الخمس بكونها هي الإسلام، وعليها بني الإسلام، ولم خصت بذلك دون غيرها من الواجبات؟
وقد فسر [الإيمان] في حديث وَفْد عبد القيس بما فسر به الإسلام هنا، لكنه لم يذكر فيه الحج، وهو متفق عليه، فقال: " آمركم بالإيمان بالله وحده، هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم أو خمساً من المغنم ".

الصفحة 12