كتاب الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (اسم الجزء: 1)

الله ولذلك تعقبه العلماء فقال المناوي بعد أن نقل كلامه هذا:
(لكن في خبر الشيخين كراهة بناء المسجد على القبور مطلقا والمراد قبور المسلمين خشية أن يعبد فيها القبور لقرينة خبر: اللهم لا تجعل قبري وثنا بثعيد)
وقد نص الإمام محمد تلميذ أبي حنيفة على كراهة اتخاذ المسجد عند القبر كما يأتي نصه في ذلك والتعبير ب (عند) أعم من قوله: (فوق) أو (على) كما لا يخفى فمن بنى مسجدا بجوار صالح فقد بنى عنده وعليه فكلام محمد رحمه الله رد على البيضاوي في رأيه هذا المبتدع ورد عليه الصنعاني أيضا في (سبل السلام) فقال:
(قوله: لا لتعظيم له يقال: اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان الذين يعظمون الجمادات التي لا تنفع ولا تضر ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية) قال:
(ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر)
والحديث الأول يفيد تحريم الصلاة في المقبرة على التفصيل المذكور لعموم الحديث ولأن النهي أصله التحريم. وذهب بعضهم إلى بطلان الصلاة فيها وهو محتمل والله أعلم وقد ذهب إلى هذا ابن حزم في (الملحى) ورواه عن أحمد أنه قال:

الصفحة 364