كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

إِلَيّ بِرَجُل عَالم بِمَا أُرِيد أَن أسأله عَنهُ فَوجه بِعَبْد الْمَسِيح بن عَمْرو بن حنان الغساني فَأخْبرهُ كسْرَى بِمَا كَانَ من ارتجاس الإيوان وَغَيره فَقَالَ لَهُ علم ذَلِك عِنْد أخال لي يسكن مشارف الشَّام يُقَال لَهُ سطيح قَالَ كسْرَى فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وسله وأتني بِتَأْوِيل مَا عِنْده فَسَار عبد الْمَسِيح حَتَّى قدم على سطيح وَقد أشفى على الْمَوْت فَسلم عَلَيْهِ محياه فَفتح سطيح عَيْنَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا عبد الْمَسِيح إِذا كثرت التِّلَاوَة وَظهر صَاحب الهراوة وخمدت نَار فَارس وفاض وَادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة فَلَيْسَ بِالشَّام لسطيح شاما يملك مِنْهُم مُلُوك وملكات على عدد الشرفات وكل مَا هُوَ آتٍ آتٍ ثمَّ قضى سطيح مَكَانَهُ وَقدم عبد الْمَسِيح على كسْرَى وَأخْبرهُ بقول سطيح فَقَالَ إِلَى أَن يملك منا أَرْبَعَة عشر ملكا كَانَت أُمُور فَملك مِنْهُم عشرَة فِي أَربع سِنِين وَذكر فِي العقد أَن سطيحا كَانَ على زمن نزار بن معد وَكَانَ من حَدِيثه شقّ الْملكَيْنِ بَطْنه واستخراج الْعلقَة السَّوْدَاء من قلبه وغسلهم أحشاءه وَقَلبه بالثلج وَذَلِكَ لرابعة من مولده وَكَانَ شَأْنه فِي رضاعه وصباه وشبابه ومرباه عجبا ثمَّ اسْتمرّ على أكمل الزكاء وَالطَّهَارَة فِي أخلاقه وَكَانَ يعرف بالأمين ثمَّ بدى بالرؤيا الصَّالِحَة فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل كخلق الصُّبْح
وَأما شرفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف أهل بَيته فروى الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يدْخل قلب رجل الْإِيمَان حَتَّى يحبكم لله وَلِرَسُولِهِ
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله خلق السَّمَوَات سبعا فَاخْتَارَ الْعلي مِنْهَا فأسكنها من شَاءَ من خلقه ثمَّ خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بني آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم
وَعَن عايشة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جبرئيل قلبت الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَلم أجد رجلا أفضل من مُحَمَّد وَلم أجد بني أَب أفضل من بني هَاشم وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة شهيرة لَا يَسعهَا هَذَا الْمقَام

الصفحة 126