كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وثمان مدن وَفِي السَّابِع ثَلَاثَة آلَاف وثلاثمائة مَدِينَة وقرية كَبِيرَة فِي الجزائر
ثمَّ إِن الأول وَالثَّانِي من الأقاليم المعمورة أقل عمرانا مِمَّا بعدهمَا وَمَا وجد من عمرانه فيتخلله الْخَلَاء والقفار والرمال وَالْبَحْر الْهِنْدِيّ الَّذِي فِي الشرق مِنْهُمَا وأمم هذَيْن الإقليمين وأناسيهما لَيست لَهُم الْكَثْرَة الْبَالِغَة وأمصاره ومدنه كَذَلِك وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَمَا بعدهمَا بِخِلَاف ذَلِك فالقفار فِيهَا قَليلَة والرمال كَذَلِك أَو مَعْدُومَة وأممها وأناسيها تجوز الْحَد من الْكَثْرَة وأمصارها ومدنها تجَاوز الْحَد والعمران فِيهَا مندرج مَا بَين الثَّالِث وَالسَّادِس والجنوب خلاء كُله وَقد ذكر كثير من الْحُكَمَاء أَن ذَلِك لإفراط الْحر وَقلة ميل الشَّمْس فِيهَا عَن سمت الرؤوس
وَقد أوضح ذَلِك ابْن خلدون ببرهانه ويتبين مِنْهُ سَبَب كَثْرَة الْعِمَارَة فِيمَا بَين الثَّالِث وَالرَّابِع من جَانب الشمَال إِلَى الْخَامِس وَالسَّابِع
فالإقليم الأول يمر وَسطه بالمواضع الَّتِي طول نَهَارهَا الأطول ثَلَاث عشر سَاعَة ويرتفع القطب الشمالي فِيهَا عَن الْأُفق سِتّ عشرَة دَرَجَة وَثلثا دَرَجَة وَهُوَ الْعرض وانتهاء عرض هَذَا الإقليم من حَيْثُ يكون طول النَّهَار الأطول فِيهِ ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَربع سَاعَة وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض عشرُون دَرَجَة وَنصف دَرَجَة وَهُوَ مَسَافَة أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعين ميلًا وابتداؤه من أقْصَى بِلَاد الصين فيمر فِيهَا إِلَى مَا يَلِي الْجنُوب ويمر بسواحل الْهِنْد ثمَّ بِبِلَاد السَّنَد ويمر فِي الْبَحْر على جَزِيرَة الْعَرَب وَأَرْض الْيمن وَيقطع بَحر القلزم فيمر بِبِلَاد الْحَبَشَة وَيقطع نيل مصر إِلَى بِلَاد ومدينة دنقله من أَرض النّوبَة ويمر فِي أَرض الْمغرب على جنوب البربر إِلَى نَحْو الْبَحْر الْمُحِيط وَفِي هَذَا الإقليم عشرُون جبلا فِيهَا مَا طوله من عشْرين فرسخا إِلَى ألف فَرسَخ وَفِيه ثَلَاثُونَ نَهرا طَويلا مِنْهَا مَا طوله ألف فَرسَخ إِلَى عشْرين فرسخا وَفِيه خَمْسُونَ مَدِينَة كَبِيرَة

الصفحة 169