كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَأَن ارْتِفَاع القطب الشمالي ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ دَرَجَة تكون من الأميال أَلفَيْنِ وَمِائَة وَأَرْبَعين ميلًا ويبتدئ الإقليم السَّابِع من الْمشرق على بِلَاد يَأْجُوج وَمَأْجُوج ويمر بِبِلَاد التّرْك على سواحل بَحر جرجان مَا يَلِي الشمَال وَيقطع بَحر الرّوم على بِلَاد جرجان والصقالبة إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط فِي الْمغرب وَبِهَذَا الإقليم عشرَة جبال طوال وَأَرْبَعُونَ نَهرا طوَالًا وَاثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَدِينَة كَبِيرَة وَأَهله شقر الألوان وَله من البروج الْمِيزَان وَمن السيارة الشَّمْس
وَفِي كل إقليم من هَذِه الأقاليم السَّبْعَة أُمَم مُخْتَلفَة الآلسن والألوان وَغير ذَلِك من الطبائع والأخلاق والآراء والديانات والمذاهب والعقائد والأعمال والصنائع والعادات والعبادات لَا يشبه بَعضهم بَعْضًا
وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانَات والمعادن والنبات مُخْتَلفَة فِي الشكل والطعم واللون وَالرِّيح بِحَسب اخْتِلَاف أهوية الْبلدَانِ وتربة الْبِقَاع وعذوبة الْمِيَاه وملوحتها على مَا اقتضته طوالع كل بلد من البروج على أفقه وممر الْكَوَاكِب على مسامتة الْبِقَاع من الأَرْض ومطارح شعاعاتها على الْمَوَاضِع كَمَا هُوَ مقرّ فِي موَاضعه من كتب الْحِكْمَة ليتدبر أولو النَّهْي وَيعْتَبر ذَوُو الحجى بتدبير الله فِي خلقه وَتَقْدِيره لما يَشَاء وَفعله لما يُرِيد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ
وَمَعَ ذَلِك فَإِن الرّبع المسكون من الأَرْض على تفَاوت أقطاره مقسوم بَين سبع أُمَم كبار وهم الصين والهند والسودان والبربر وَالروم وَالتّرْك وَالْفرس فجنوب مشرق الأَرْض فِي يَد الصين وشماله فِي يَد التّرْك ووسط جنوب الأَرْض فِي يَد الْهِنْد وَفِي وسط شمال الأَرْض الرّوم وَفِي جنوب مغرب الأَرْض السودَان وَفِي شمال مغرب الأَرْض البربر وَكَانَت الْفرس فِي وسط هَذِه الممالك قد أحاطت بهم الْأُمَم السِّت

الصفحة 174