كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

ذكر الْمَسَاجِد الْعَظِيمَة فِي الْعَالم

أعلم أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فضل من الأَرْض بقاعا اختصها بتشريفه وَجعلهَا مَوَاطِن الْعِبَادَة يُضَاعف فِيهَا الثَّوَاب وينمو بهَا الأجور وَأخْبرنَا بذلك على ألسن رسله وأنبيائه لطفا بعباده وتسهيلا لطرق السَّعَادَة لَهُم وَكَانَت الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة هِيَ أفضل بقاع الأَرْض حسب مَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهِي مَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس
أما الْبَيْت الْحَرَام الَّذِي بِمَكَّة فَهُوَ بَيت إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمره الله ببنائه وَأَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ إِلَيْهِ فبناه هُوَ وَابْنه إِسْمَاعِيل كَمَا نَصه الْقُرْآن وَقَامَ بِمَا أمره الله فِيهِ وَسكن إِسْمَاعِيل بِهِ مَعَ هَاجر وَمن نزل مَعَهم من جرهم إِلَى أَن قبضهما الله ودفنا بِالْحجرِ مِنْهُ
وَبَيت الْمُقَدّس بناه دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَسليمَان أَمرهمَا الله بِبِنَاء مَسْجده وَنصب هياكله وَدفن كثير من الْأَنْبِيَاء من ولد إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام حواليه
وَالْمَدينَة مهَاجر نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره الله تَعَالَى بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَإِقَامَة دين الْإِسْلَام بهَا فَبنى مَسْجده الْحَرَام بهَا وَكَانَ ملحده الشريف فِي تربَتهَا فَهَذِهِ الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة قُرَّة عين الْمُسلمين ومهوى أفئدتهم وعظمة دينهم وَفِي الْآثَار من ففضلها ومضاعفة الثَّوَاب فِي مجاورتها وَالصَّلَاة فِيهَا كثير مَعْرُوف فلنشر إِلَى شَيْء من الْخَبَر عَن أولية هَذِه الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة وَكَيف تدرجت أحوالها إِلَى أَن كمل ظُهُورهَا فِي الْعَالم
فَأَما مَكَّة فأوليتها فِيمَا يُقَال أَن آدم صلوَات الله عَلَيْهِ بناها قبالة الْبَيْت

الصفحة 180