كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

الْملك لبني إِسْرَائِيل فِي هَذِه الْمدَّة ثمَّ لبني خسمان من كهنتهم ثمَّ لصهرهم هيرودوس ولبنيه من بعده وَبني هيردوس بِبَيْت الْمُقَدّس على بِنَاء سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وتأنق فِيهِ حَتَّى أكمله فِي سِتّ سِنِين فَلَمَّا جَاءَ طيطش من مُلُوك الرّوم وغلبهم وَملك أَمرهم خرب بَيت الْمُقَدّس ومسجدها وَأمر أَن يزرع مَكَانَهُ ثمَّ أخذُوا الرّوم بدين الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام ودانوا بتعظيمه ثمَّ اخْتلف حَال مُلُوك الرّوم فِي الْأَخْذ بدين النَّصَارَى تَارَة وَتَركه أُخْرَى إِلَى أَن جَاءَ قسطنطين وتنصرت أمة هيلانة وَارْتَحَلت إِلَى الْمُقَدّس فِي طلب الْخَشَبَة الَّتِي صلب عَلَيْهَا الْمَسِيح بزعمهم فَأَخْبرهَا القساسة بِأَنَّهُ رمى بخشبة على الأَرْض وَألقى عَلَيْهَا القمامات والقاذورات فاستخرجت الْخَشَبَة وَبنت مَكَان تِلْكَ القمامات كَنِيسَة القمامة كَأَنَّهَا على قَبره بزعمهم وَخَربَتْ مَا وجدت من عمَارَة الْبَيْت وَأمرت بطرح الزبل والقمامات على الصَّخْرَة حَتَّى غطاها وخفي مَكَانهَا جُزْءا بزعمها لما فَعَلُوهُ بِقَبْر الْمَسِيح ثمَّ بنوا بِإِزَاءِ القمامة بَيت لحم وَهُوَ الْبَيْت الَّذِي ولد فِيهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَبَقِي الْأَمر كَذَلِك إِلَى أَن جَاءَ الْإِسْلَام وَحضر عمر لفتح بَيت الْمُقَدّس وَسَأَلَ عَن الصَّخْرَة فأري مَكَانهَا وَقد علاها الزبل وَالتُّرَاب فكشف عَنْهَا وَبنى عَلَيْهَا مَسْجِدا على طَرِيق البداوة وَعظم من شانه مَا أذن الله من تعظمه وَمَا سبق من أم الْكتاب فِي فَضله حسب مَا ثَبت ثمَّ احتفل الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي تشييد مَسْجده على سنَن مَسَاجِد الْإِسْلَام بِمَا شَاءَ الله من الاحتفال كَمَا فعل فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَفِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ وَفِي مَسْجِد دمشق وَكَانَت الْعَرَب تسميه بلاط الْوَلِيد وألزم ملك الرّوم أَن يبْعَث الفعلة وَالْمَال لبِنَاء هَذِه الْمَسَاجِد وَأَن ينمقوها بالفسيفساء فأطاع لذَلِك وَتمّ بناؤها على مَا اقترحه ثمَّ لما ضعف أَمر الْخلَافَة أَعْوَام الْخَمْسمِائَةِ من الْهِجْرَة فِي آخرهَا وَكَانَت فِي ملكة العبيديين خلفاء الْقَاهِرَة من الشِّيعَة واختل أَمرهم زحف الفرنجة إِلَى بَيت الْمُقَدّس فملكوه وملكوا مَعَه عَامَّة ثغور الشَّام وبنوا على الصَّخْرَة المقدسة مِنْهُ كَنِيسَة كَانُوا يعظمونها ويفتخرون ببنائها حَتَّى إِذا اسْتَقل صَلَاح الدّين ابْن أَيُّوب الْكرْدِي بِملك مصر وَالشَّام ومحا أثر الْعِيدَيْنِ وبدعهم زحف إِلَى الشَّام وجاهد من كَانَ بِهِ من الفرنجة حَتَّى غلبهم على بَيت الْمُقَدّس وعَلى

الصفحة 187