كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

مَكَّة نقل ذَلِك عبد الْوَهَّاب فِي المعونة إِلَى أَحَادِيث أُخْرَى تدل بظاهرها على ذَلِك وَخَالف أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله وأصبحت على كل حَال ثَانِيَة الْمَسْجِد الْحَرَام وجنح إِلَيْهَا الْأُمَم بأفئدتهم من كل أَوب فَانْظُر كَيفَ تدرجت الْفَضِيلَة فِي هَذِه الْمَسَاجِد المعظمة لما سبق من عناية الله لَهَا وتفهم سر الله فِي الْكَوْن وتدريجه على تَرْتِيب مُحكم فِي أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا وَأما غير هَذِه الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة فَلَا نعلمهُ فِي الأَرْض إِلَّا مَا يُقَال من شَأْن مَسْجِد آدم عَلَيْهِ السَّلَام بسر نديب من جزائر الْهِنْد لكنه لم يثبت فِيهِ شَيْء يعول عَلَيْهِ وَقد كَانَت للأمم فِي الْقَدِيم مَسَاجِد يعظمونها على جِهَة الدّيانَة بزعمهم مِنْهَا بيُوت النَّار للْفرس والهند والصين وهياكل اليونان وبيوت الْعَرَب بالحجاز الَّتِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهدمها فِي غَزَوَاته
وَقد ذكر المَسْعُودِيّ مِنْهَا بُيُوتًا لسنا من ذكرهَا فِي شَيْء إِذْ هِيَ غير مَشْرُوعَة وَلَا هِيَ على طَرِيق ديني وَلَا يلْتَفت إِلَيْهَا وَلَا إِلَى الْخَبَر عَنْهَا وَيَكْفِي فِي ذَلِك مَا وَقع فِي التواريخ فَمن أَرَادَ معرفَة الْأَخْبَار فَعَلَيهِ بهَا وَالله يهدي من يَشَاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ ذكر ذَلِك كُله ابْن خلدون
وَقد عَقدنَا فصلا فِي التَّفَاضُل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي كتَابنَا رحْلَة الصّديق إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق وَذكرنَا فِيهِ أَنه قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ الشَّوْكَانِيّ فِي نيل الأوطار شرح منتقى الْأَخْبَار بَعْدَمَا ذكر أَدِلَّة الْفَرِيقَيْنِ بالبسط أَن الإستيعاب بِبَيَان الْفَاضِل من هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ الشريفين كالإشتغال بِبَيَان الْأَفْضَل من الْقُرْآن الْكَرِيم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْكل من فضول الْكَلَام الَّذِي لَا يتَعَلَّق بِهِ فَائِدَة غير الْجِدَال وَالْخِصَام وَقد أفْضى النزاع فِي ذَلِك وَأَشْبَاه إِلَى فتن وتلفيق حجج واهية كاستدلال الْمُهلب على أَفضَلِيَّة الْمَدِينَة بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أدخلت مَكَّة وَغَيرهَا من الْقرى فِي الأسلام فَصَارَ الْجَمِيع فِي صَحَائِف أَهلهَا وبأنها تَنْفِي الْخَبيث كَمَا ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح وَقد أُجِيب عَن هذَيْن الإستدلالين فِي مَوْضِعه انْتهى
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي هَذَا

الصفحة 189