كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى مُتَّفق عَلَيْهِ وَصُورَة هَذَا الحَدِيث نفي وَالْمرَاد بِهِ النَّهْي كَأَنَّهُ قَالَ لَا يَسْتَقِيم شرعا أَن يقْصد الْمَسَاجِد أَو الْبِقَاع الْأُخْرَى بالزيارة إِلَّا هَذِه الْبِقَاع الثَّلَاثَة لاختصاصها بِمَا اخْتصّت بِهِ من المزايا الَّتِي شرفها الله تَعَالَى بهَا وَقَالَ أهل الْأُصُول خبر الشَّارِع آكِد من الْأَمر وَالنَّهْي وَقد اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث جمع من أهل الْعلم أكبرهم شيخ الْإِسْلَام أَحْمد بن تَيْمِية رَضِي الله عَنهُ وأرضاه على منع السّفر للزيارة إِلَى مشَاهد الْأَنْبِيَاء والأولياء ومقابر الْمَشَايِخ والأصفياء وَهُوَ استنباط حسن المسلك وَبِه قَالَ مَالك إِمَام دَار الْهِجْرَة وَالْقَاضِي عِيَاض وَمن خَالفه فِي ذَلِك أَو طعن عَلَيْهِ لم يَأْتِ بِمَا يشفي العليل ويروي الغليل وَقد بسطنا الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث فِي مؤلفاتنا بسطا لائقا ومهدناه مهدا فائقا فَمن شَاءَ الإطلاع على مباحثه فَعَلَيهِ مسك الختام شرح بُلُوغ المرام وَأَمْثَاله فَفِيهِ مقنع وبلاغ وَالَّذين لم يبلغُوا معشار مَا آتَاهُ الله من الْعلم وَالْعَمَل قد أَقَامُوا عَلَيْهِ الطامة الْكُبْرَى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَأَخَوَاتهَا وَلَهُم فِي ذَلِك قلاقل وزلازل قَدِيما وحديثا لَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكرهَا وَالْحق الَّذِي لَا محيص عَنهُ هُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب بِظَاهِرِهِ وَله شَوَاهِد من الْأَخْبَار الصَّحِيحَة والْآثَار المأثورة
(وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... وَلَكِن عين السخط تبدي المساويا)
وفْق الله إِخْوَاننَا من الْمُسلمين إِلَى القَوْل الْحق وَالْعَمَل الصدْق على مُرَاد الله فِي كِتَابه الْعَزِيز وَمُرَاد رَسُوله فِي السّنة المطهرة وجنبنا وإياهم عَمَّا لم يرد فِيهِ نَص من الْقُرْآن والْحَدِيث أَو لم يقل بِهِ سلف الْأمة وأئمتها أَو لم يعْمل بِهِ أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ باحسان وَكم من آيَة وَسنة دلّت على الإتباع ونهت عَن التَّقْلِيد والإبتداع وَهِي لَا تخفى على من عرف دواوين الْإِسْلَام ومارس الْفرْقَان وَلَكِن مفاسد الْجَهْل والتعصب أَكثر من إِن تضبط أَو تحيط بهَا الأذهان وَكم للعلما من كتب ضخمة ورسائل جمة فِي هَذَا الشَّأْن فِي لِسَان الْعَرَب والعجم تدفع بهَا أهل الْإِيمَان فِي صُدُور النَّاكِثِينَ والمارقين من أهل الطغيان فَمن قدر الله

الصفحة 190