كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

السَّعَادَة فِي الْأَزَل يوفق لَهَا وَيكون علمه لَهُ عَلَيْهَا دَلِيلا وَمن جعله شقيا فِي علمه فَهُوَ لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ سَبِيلا
(وَلَا بُد من شكوى إِلَى ذِي مروة ... يواسيك أَو يسليك أَو يتوجع)
وَهَذَا زمَان جَاءَ فِيهِ الْجَهْل وحلي مذاقه وَذهب عَنهُ الْعلم برمتِهِ وطاب فِرَاقه لَا ترى وَاحِدًا من ألف يحزن على عقباه إِنَّمَا يبكي كل وَاحِد مِنْهُم على دُنْيَاهُ فهم {الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا} حَتَّى نبعث فرقة لعهدنا هَذَا فِي مملكة الْهِنْد نقُول بالملة النيجيرية وَتَنصر النَّصَارَى وتخذل الْمُسلمين بأدلة واهية وشكوك شيطانية وحجج داحضة وَلها دعاة فِي دِيَارهمْ يدعونَ ضعفاء الْعُقُول وسفهاء الأحلام إِلَى قبُول قَوْلهَا وتحسين فعلهَا وَمَا هِيَ بِأول فتْنَة حدثت فِي الأسلام أَو قَارُورَة كسرت فييه فكم من دجاجلة كَاذِبَة خاطئة ظَهرت قَدِيما فِي الْملَّة الحقة وَكم بلغت الشَّرِيعَة الصادقة من أيديها الْفَاسِدَة وآرائها الكاسدة أَنْوَاع المحن وَالْمَشَقَّة وتلألأ رونقها فِي بَدْء الْولَايَة ثمَّ أدْرك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثأرها على أَيدي حماة الدّين القويم وسالكي الصِّرَاط الْمُسْتَقيم السَّادة القادة وأنجز وعده وَنصر حزبه وَصدق رَسُوله وَعَبده فِيمَا قَالَ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله فرحم الله عبدا أبْصر الْحق حَقًا وَاتبعهُ وَرَأى الْبَاطِل بَاطِلا واجتنبه وانتصف من نَفسه كَمَا انتصف من غَيره وَلم يبال بِقبُول الْحق ورده وآثر الْحق على الْخلق وَنصر الله وَرَسُوله فِي إتباع كِتَابه وَسنة رَسُوله وَلم يُقَلّد آراء الرِّجَال وَلم يلْتَفت إِلَى كتب القيل والقال وَأخذ الدّين من حَيْثُ أَخذه السّلف الصلحاء واقتبس الْأَنْوَار من مشكوة مصابيح السّنة الْبَيْضَاء وَعلم أَن الرَّأْي ثلمة فِي مَكَان الدّين وتحريف فِي سواذج الشَّرْع الْمُبين وَإِنَّمَا الْقَضَاء مَا قضى الله بِهِ وَالرَّسُول فِي الْكتاب وَالسّنة على أَلْسِنَة الفحول من أهل الْقُرْآن والْحَدِيث جُهَيْنَة الْأَخْبَار وعيبة الْآثَار ودارسي الرّقّ الْمنزل من السَّمَاء وآخذي

الصفحة 191