كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

الْأمة على كل وَاحِد من الْمُكَلّفين من غير اخْتِصَاص بِأَهْل قطر دون قطر وحصرها على عصر دون عصر وكل وَاحِدَة مِنْهَا على قدم سَوَاء فِي عُمُوم الْفَرْضِيَّة وشمول الْوُجُوب ودخولها تَحت كليات الدَّلَائِل القطعية وعمومات الْبَرَاهِين اليقينية فَهَذَا مِمَّا لَا مساغ للارتياب فِيهِ لأحد فَإِنَّهَا أظهر من الشَّمْس وَأبين من الأمس لَا تمس الْحَاجة إِلَى تَفْصِيل الْأَمر فِيهِ وَبسط الْكَلَام فِي مبانيه ففرضيتها موزعة على أَوْقَاتهَا الْمَعْرُوفَة فِي الدّين ضَرُورَة غدْوَة وظهيرة وَعَشِيَّة وَمَسَاء وزلفة وَإِنَّمَا شَذَّ شرذمة قَليلَة من أَحْدَاث الْأمة واخلاف المتفقهة وَزَعَمُوا أَن الْعشَاء سَاقِطَة عَن سكان بعض الأقطار فِي عدَّة أَيَّام من السّنة يَنْتَهِي قصر لياليها إِلَى غَايَة لَا يغيب الشَّفق فِيهَا توهما مِنْهُم أَن وجود الْوَقْت الَّذِي هُوَ سَبَب لوُجُوب الصَّلَاة وَطَرِيق لَهَا وَشرط لتحققها يتَوَقَّف على غيبوبة الشَّفق وَهُوَ زعم سَاقِط وتوهم لَا مساغ لَهُ قطّ وَذَلِكَ لِأَن أدنى مَرَاتِب السَّبَب أَن يكون ملائما للمسبب وَهُوَ مُنْتَفٍ بَين الصَّلَاة وَالْوَقْت قطعا وَلِأَن السَّبَب لَا يجوز أَن يكون كل الْوَقْت لوُجُوب الصَّلَاة لمن صَار أَهلا لَهَا فِي آخر الْوَقْت وَلَا الْبَعْض مِنْهُ لصِحَّة الْأَدَاء مِمَّن أَقَامَهَا فِي غير ذَلِك الْجُزْء الْمعِين وَلَا الْغَيْر الْمعِين مُطلقًا لعدم وجوب أَدَائِهَا وَلَا قَضَائهَا وَلَا الْفِدْيَة عَنْهَا على من اعْتَرَضَهُ عدم الْأَهْلِيَّة فِي آخر الْوَقْت من موت أَو جُنُون مطبق أَو حيض أَو نِفَاس وَلَا الْجُزْء الْمُقَارن للْأَدَاء لوُجُوب قَضَائهَا على المساهل الَّذِي لم يشرع فِيهَا بل تعطل فِي الْوَقْت كُله مَعَ أَن الْجُزْء الْمُقَارن لَيْسَ لَهُ تقدم على الصَّلَاة أصلا فَكيف يكون سَببا مُوجبا لَهَا ومؤديا إِلَيْهَا وَبِالْجُمْلَةِ جعل الْوَقْت سَببا لِلْعِبَادَةِ بِمَا هُوَ وَقت غير مَعْقُول وَمَا ذَكرُوهُ فِي الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ فضول لَا يرتضيه الفحول وَقَوله سُبْحَانَهُ {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} إِنَّمَا يدل على السَّبَبِيَّة إِن لَو كَانَ اللَّام للتَّعْلِيل وَهُوَ فِي حيّز الْمَنْع فَإِنَّهَا ترد على معَان فقد جعلهَا فِي الْقَامُوس هُنَا بِمَعْنى بعد وَجعلهَا للتوقيت وَجعلهَا الْمجد أَيْضا بِمَعْنى عِنْدَمَا
قَالَ ابْن الْهمام وَهُوَ اسْتِعْمَال مُحَقّق فِي اللُّغَة وعَلى ذَلِك قَوْله تَعَالَى

الصفحة 199