كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَثَانِيهمَا اعْتِبَار غيبَة الشَّفق شرطا لخُرُوج الْوَقْت ودخوله لَكِن بِالنّظرِ إِلَى تَمام الحَدِيث فِي هَذِه الرِّوَايَة وَإِلَى الْأَدِلَّة الْخَاصَّة يضمحل هَذَا الإحتمال الْمَرْجُوح بِالْكُلِّيَّةِ وَيتَعَيَّن الشق الأول مرَادا مِنْهُ
أما أَولا فَلِأَن فِي نَظَائِره لم تعْتَبر العلامات الْمَذْكُورَة شرطا لدُخُول وَقت وَخُرُوج وَقت مثلا صيرورة ظلّ كل شَيْء مثله أَو مثلَيْهِ لَيست بِشَرْط لخُرُوج وَقت الظّهْر أَو وَدخُول وَقت الْعَصْر لعدم تحقق ذَلِك فِي غيم الْهَوَاء وَيَوْم السَّحَاب افترى أَنه يسْقط عَن سكانها صَلَاة الظّهْر لَا يُكَلف أَهلهَا بهَا وَكَذَلِكَ إفطار الصَّائِم وَحُرْمَة الطَّعَام وَالشرَاب عَلَيْهِ شَرط لدُخُول وَقت الْمغرب وَوقت الْفجْر قطعا ضَرُورَة انْتِفَاء الصَّائِم فِي بعض أَيَّام السّنة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الرِّوَايَات الْفِقْهِيَّة من نَحْو قَوْلهم وَقت الْمغرب من غرُوب الشَّمْس إِلَى غيبية الشَّفق وَوقت الْعشَاء مِنْهُ إِلَى طُلُوع الْفجْر مَعْنَاهُ أَن إمتداد الْوَقْت مُقَدّر بذلك الْقدر وَإِن لم يتَحَقَّق الْعَلامَة كَيفَ لَا فَإِن غيبَة الشَّفق كَمَا أخذت فِي دُخُول وَقت الْعشَاء اعْتبرت فِي خُرُوج وَقت الْمغرب فَلَو كَانَ شرطا لما تحقق خُرُوج وَقت الْمغرب أصلا فِيمَن لَا يغيب عَنْهُم الشَّفق وَلَا يُوجد حِين يحرم فِيهِ الطَّعَام وَالشرَاب على الصَّائِم عِنْد أُولَئِكَ وَمُقْتَضَاهُ سُقُوط الْفجْر عَنْهُم وَعدم وجوب صَوْم الشَّهْر عَلَيْهِم وَهُوَ بَاطِل بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع
وَأما ثَانِيًا فَلِأَن حَدِيث إِمَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَحَدِيث عَائِشَة وَعمر وَأبي مُوسَى وَبُرَيْدَة وَأبي سعيد وَفِي رِوَايَة عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي بَرزَة وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قد اعْتبر فِي بَيَان آخر وَقت الْعشَاء ثلث اللَّيْل وَفِي رِوَايَة عَن أبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَأنس وَعَائِشَة وَعمر وَأبي سعيد نصف اللَّيْل ثمَّ مَا تضمن حَدِيث بُرَيْدَة من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقت صَلَاتكُمْ بَين مَا رَأَيْتُمْ
وَحَدِيث الْإِمَامَة وَالْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ تشريع عَام لعُمُوم خطابة عَلَيْهِ السَّلَام وَمفَاده أَن يكون آخر وَقت الْعشَاء لجَمِيع الْأمة ثلث اللَّيْل أَو نصفه وَالثلث وَالنّصف مُتَحَقق فِي جَمِيع اللَّيَالِي فِي كل قطر

الصفحة 201