كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

يُوجد فِيهِ غرُوب الشَّمْس وطلوعها فيوجد آخر وَقت الْعشَاء عِنْد أهل ذَلِك الْقطر وَإِن لم يتَحَقَّق الغيبوبة من ضَرُورَته تحقق أَوله لَا محَالة
فَلَو حمل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين غَابَ الشَّفق على اشْتِرَاط تحقق الغيبوبة يلْزم أَن يتناقض مفَاد أول الحَدِيث ومفاد آخِره وَهُوَ محَال فِي كَلَام الشَّارِع الْمَعْصُوم عَن الْخَطَأ وَالْكذب وَلَئِن حمل على الإشتراط فَيكون مُخَصّصا لعمومه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأقطار الَّتِي لَا يغيب فِيهَا الشَّفق وَمُلَخَّص كَلَام الطَّحَاوِيّ فِي هَذِه الْأَحَادِيث أَنه يظْهر من مجموعها أَن آخر وَقت الْعشَاء حِين يطلع الْفجْر إِذْ قد ورد فِي رِوَايَة لعَائِشَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتم بهَا حَتَّى ذهب عَامَّة اللَّيْل وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عمر إِلَى آخر اللَّيْل
وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه كتب إِلَيْهِ عمر صل الْعشَاء أَي اللَّيْل شِئْت وَلَا تغفلها وَفِي رِوَايَة عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخّرهَا حَتَّى انهار اللَّيْل وَغير ذَلِك وَكلهَا فِي الصَّحِيح قَالَ فَثَبت أَن اللَّيْل كُله وَقت لَهَا وَلكنهَا على أَوْقَات ثَلَاثَة إِلَى الثُّلُث أفضل وَإِلَى النّصْف دونه وَمَا بعده دونه
وَأما ثَالِثا فَلِأَنَّهُ على ذَلِك التَّقْدِير يكون مناقضا لحَدِيث جَابر بن عبد الله أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْعشَاء قبل غيبوبة الشَّفق وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة صلاهَا حِين ذهبت سَاعَة من اللَّيْل وَلما مر عَن عمر صل أَي اللَّيْل شِئْت أخرجه الطَّحَاوِيّ بطرق رِجَاله ثِقَات وَلِحَدِيث نعْمَان بن بشير كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصليهَا لسُقُوط الْقَمَر لثالثة وَلَا ريب أَن غرُوب الْقَمَر فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة من رُؤْيَته لَيْسَ بِشَرْط لدُخُول وَقت الْعشَاء فِي جَمِيع أَيَّام الدَّهْر فَإِن الْمَقْصُود من النَّقْل بِلَفْظ ظَاهره الْمُوَاظبَة بَيَان الْمَشْرُوع الْعَام لجَمِيع الْأمة
وَلَو فرض على منوال فرض الْمحَال أَن الحَدِيث بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَمريْنِ على قدم سَوَاء فِي الإحتمال فَمَا أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه من رِوَايَة نواس بن سمْعَان من حَدِيث الدَّجَّال وَفِيه قُلْنَا يَا رَسُول الله فَذَلِك

الصفحة 202