كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

الْيَوْم الَّذِي كَسنة تكفينا فِيهِ صَلَاة يَوْم قَالَ لَا أقدروا لَهُ يلْتَحق بَيَانا لهَذَا الْمُحْتَمل وَكَذَلِكَ عدَّة أَحَادِيث غَيره فِي هَذَا الْمَعْنى فَلَو شَرط غيبَة الشَّفق لدُخُول وَقت الْعشَاء لزم نسخ عمومات الْكتاب ومحكمات الْأَدِلَّة الْوَارِدَة فِي إِيجَاب الصَّلَوَات الْخمس على كل مُؤمن ومؤمنة بِالنِّسْبَةِ إِلَى سكان الأقطار الَّتِي لَا يغيب فِيهَا الشَّفق وَلذَلِك اخْتلف فِي مفاده فُقَهَاء الْأمة وعلماء الْملَّة فَإِن أَصْحَابنَا وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأحمد ومالكا فِي رِوَايَة وَالشَّافِعِيّ فِي قَوْله الْقَدِيم ذَهَبُوا إِلَى أَن وَقت الْمغرب يَمْتَد إِلَى غرُوب الشَّفق مَعَ اخْتلَافهمْ فِي الشَّفق وَذهب الْأَوْزَاعِيّ وَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ فِي قَوْله الْجَدِيد وَمَالك فِي رِوَايَة إِلَى أَنه قدر مَا يُصَلِّي خمس رَكْعَات متوسطات بِوضُوء وأذان وَإِقَامَة فَحسب وَيدخل وَقت الْعشَاء بعده والشفق هُوَ الْبيَاض عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد بن حَنْبَل والمزني والصفرة فِيمَا أختاره الْجُوَيْنِيّ والحمرة عِنْد آخَرين وَذهب أَبُو سعيد الصخري من الشَّافِعِيَّة إِلَى أَن آخر وَقت الْعشَاء إِلَى نصف اللَّيْل وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد آخر وَقت الْعَصْر إِلَى اصفرار الشَّمْس فَقَط وَمن مَذْهَب الْمُخَالفين أَن وَقت الظّهْر وَالْعصر وَاحِد وَكَذَا وَقت الْمغرب وَالْعشَاء وَجَوَاز الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر والحضر وَلَو كَانَ قَطْعِيا لزمَه الْإِجْمَاع وَلما سَاغَ هَذَا الْخلاف فِيمَا بَين هَؤُلَاءِ
هَذَا وَالْمذهب أَن العلامات حَيْثُ مَا تحققت يجب مراعاتها وَلَا يجوز المساهلة فِي تحقيقها تحصيلا لليقين وسلوكا لطريق الإحتياط وَعَملا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دع مَا يريبك إِلَى مايريبك وَمهما لم يكن اعْتِبَارهَا وَلم يَتَيَسَّر مراعتها فَلَا يعبأ بهَا وَلَا يعْتَمد عَلَيْهَا فِي إِسْقَاط مَا ثَبت من الْفَرَائِض بالأدلة القطعية من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وَهل فِي ذَلِك من رِيبَة فَيقدر وَقت الْمغرب بِمدَّة يغيب فِيهَا الشَّفق فِي الْأَيَّام الإعتدالية والأقطار الإستوائية ثمَّ يدْخل وَقت الْعشَاء إِن أمكن ذَلِك وَإِلَّا فبقدر مَا يغيب فِيهِ أسْرع من غيبته فِي هَذِه الْأَيَّام والأقطار ثمَّ الأسرع فالأسرع فَإِن لم يكن ذَلِك بِأَن لَا يكون بَين غرُوب الشَّمْس وطلوعها إِلَّا زمَان قَلِيل لَا يسع فِيهِ التَّقْدِير بِشَيْء

الصفحة 203