كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَيجوز الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر فِي وَقت أَحدهمَا وَكَذَا الْمغرب وَالْعشَاء عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمن وافقهما وَقد أخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رَجَعَ من الْأَحْزَاب قَالَ لَا يصلين أحدا الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق وَقَالَ بَعضهم لَا نصلي حَتَّى نأتيها
وَقَالَ بَعضهم لم يرد ذَلِك منا فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يعنف أحدا مِنْهُم
وَقد رُوِيَ أَن بَعضهم صلاهَا بَعْدَمَا انتصف اللَّيْل وَقد قَامَ الدَّلِيل الْقطعِي على وجوب الْعشَاء بعد غرُوب الشَّمْس فَلَا يجوز تَركهَا بِانْتِفَاء سَبَب جعلي مُحْتَمل للسقوط والتكليف إِنَّمَا هُوَ بِقدر الوسع فَيجب أَدَاؤُهَا وَإِن لم يتَحَقَّق الْوَقْت أصلا لثُبُوت أصل الْوُجُوب فِي الذِّمَّة
فَقَوْلهم الصَّحِيح أَنه لَا يَنْوِي الْقَضَاء متفرع على وجوب الْأَدَاء مَعَ عدم تحقق وَقت الْعشَاء وَلَا تنَافِي بَين أَطْرَاف الْكَلَام أصلا أَلا ترى الْمُحَقق ابْن الْهمام بَعْدَمَا بسط الْكَلَام فِي الْوُجُوب وزيف القَوْل بالسقوط قَالَ الصَّحِيح أَنه لَا يَنْوِي الْقَضَاء وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيّ بِمَا هُوَ ظَاهر السُّقُوط لَا يكَاد يَصح وَتَبعهُ صَاحب الدُّرَر والجواهر وأمثالهما وَإِنَّمَا الْخلاف فِيمَن لَا يجد الْوَقْت أصلا وَإِن الْحق الأبلج فِيهِ هُوَ الْوُجُوب أَيْضا وَالْفرق بَينهمَا ظَاهر وليت شعري مَاذَا يَقُول الزَّيْلَعِيّ وَأَتْبَاعه فِي الْمغرب هَل يرى سُقُوطه عَن هَؤُلَاءِ أَو يَجعله فرض الْوَقْت وَإِن دخل وَقت الْفجْر وَذكر الزَّاهدِيّ فِي الْمُجْتَبى حِكَايَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة عَن الْحلْوانِي والبقالي وَأَن البقالي وَافقه فِيهَا
وَقد انتحل هَذِه الْحِكَايَة عَن الزَّاهدِيّ رجال من الْمُتَأَخِّرين وشوشوا بِهِ عقيدة الْحق على أَهله وفرحوا بإضاعتهم الصَّلَاة مَعَ زعمهم البقالي هُوَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الْخَوَارِزْمِيّ وَهُوَ مُتَأَخّر الزَّمَان توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ أَو سبعين وَخَمْسمِائة فَكيف يُمكن معاصرته للحلواني فَإِن وَفَاة الْحلْوانِي كَانَت سنة ثَمَان أَو تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَهَذَا الْوَصْف قد وَقع على عدَّة أشخاص يعرف كل مِنْهُم بالبقالي

الصفحة 207