كتاب لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

وَقد وَقع النَّقْل عَنهُ فِي الْمُحِيط البرهاني وخلاصة الْفَتْوَى وفتاوى قَاضِي خَان وَفِي الْقنية وعصر هَؤُلَاءِ لَا ينجعه النَّقْل عَن أبي الْفضل البقالي لعدم سبق زَمَانه عَلَيْهِم وأيا مَا كَانَ فالبقالي من أهل الاعتزال فِي العقيدة ويلوح من كَلَام الزَّاهدِيّ تعصبه لإخوانه من أَرْبَاب تِلْكَ النحلة
وَقَالَ ابْن الشّحْنَة فِي شرح الْمَنْظُومَة أَن كَلَام الزَّاهدِيّ لَا يُؤْخَذ بِهِ مَا لم يعضده نقل عَن غَيره وَلِهَذَا اعْترض عَلَيْهِ ابْن الْهمام وَقَالَ انْتِفَاء الدَّلِيل على الشَّيْء لَا يسْتَلْزم انتفاءه لجَوَاز دَلِيل آخر وَقد وجد وَهُوَ مَا تُوطأ من أَخْبَار الْإِسْرَاء من فرض الصَّلَاة خمْسا بَعْدَمَا أَمر أَولا بِخَمْسِينَ ثمَّ اسْتَقر الْأَمر على الْخمس شرعا عَاما لأهل الْآفَاق لَا تَفْصِيل فِيهِ بَين قطر وقطر
وَمَا رُوِيَ من حَدِيث الدَّجَّال عِنْد مُسلم فقد أوجب أَكثر من ثَلَاثمِائَة عصر قبل صيرورة الظل مثلا أَو مثلين وَقس عَلَيْهِ فاستفدنا أَن الْوَاجِب فِي نفس الْأَمر خمس على الْعُمُوم غير أَن توزيعها على تِلْكَ الْأَوْقَات عِنْد وجودهَا لَا يسْقط بعدمها الْوُجُوب وَكَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس صلوَات كتبهن الله على الْعباد وَمن أفتى بِوُجُوب الْعشَاء يجب على قَوْله الْوتر أَيْضا انْتهى
ولعمري أَن هَذَا الْكَلَام قد بلغ من التَّحْقِيق والإتقان الْغَايَة وَمن الطلاوة وَحسن الْبَيَان النِّهَايَة وَلَكِن قد كثر مدافعة الْمُتَأَخِّرين لَهُ ومناقشتهم فِيهِ وَذَلِكَ لإهمالهم الْفِقْه وَالْأُصُول وإغفالهم مَعَاني الْمَعْقُول ومدارك الْمَنْقُول وانتصر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحلَبِي فِي شرح الْمنية للبقالي وَقَالَ الحَدِيث ورد على خلاف الْقيَاس وَقَالَ القَاضِي عِيَاض إِنَّه حكم مَخْصُوص بذلك الْيَوْم شَرعه لنا صَاحب الشَّرْع وَلَو وكلنَا فِيهِ لاجتهادنا لكَانَتْ الصَّلَاة فِيهِ عِنْد الْأَوْقَات الْمَعْرُوفَة ولاكتفينا بالصلوات الْخمس انْتهى
قَالَ الحسكفي فِي شرح تنوير الْأَبْصَار وَقيل لَا أبي لَا يُكَلف بهما لعدم سببهما وَبِه جزم فِي الْكَنْز والدرر والملتقى وَبِه أفتى البقالي وَوَافَقَهُ الْحلْوانِي وظهير الدّين المرغيناني وَرجحه الشُّرُنْبُلَالِيّ والحلبي

الصفحة 208